كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

قال أبو عُمر: احتجَّ بعضُ أصحابِنا في الاسْتِظهارِ بحديثٍ رَواهُ حَرامُ بن عُثمانَ، عن ابني (¬١) جابر، عن جابرٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (¬٢). وهُو حديثٌ لا يصِحُّ، وحرامُ بن عُثمانَ ضعِيفٌ مترُوكُ الحديثِ (¬٣).
واحتجُّوا فيه من جِهةِ النَّظرِ بالقِياسِ على المُصرّاةِ في اختِلاطِ اللَّبنينِ، فجعَلُوا كذلك اختِلاطَ الدَّمَينِ: دم الاستِحاضةِ، ودم الحيضِ.
وفي السُّنّةِ، من حديثِ ابنِ سِيرِينَ، وغيرِهِ، عن أبي هريرةَ: أنَّ المُصرّاةَ تُستَبرأُ ثلاثةَ أيام (¬٤). ليُعلَم بذلك مِقدارُ لَبنِ التَّصرِيةِ، من لَبنِ العادةِ.
فجَعلُوا كذلك التي (¬٥) يزِيدُ دمُها على عادتِها، ليُعْلَمَ بذلك أحَيْضٌ هُو أم اسْتِحاضةٌ؟ استِبراءً واستِظهارًا.
وفي هذا المعنى نظرٌ؛ لأنَّ الاحتِياط إنَّما يجِبُ أن يكونَ في عَملِ الصَّلاةِ، لا في تَرْكِها، وسيأتي هذا المعنى بأوضحَ من هذا في بابِ هشام بن عُروةَ، إن شاءَ الله.
---------------
(¬١) في الأصل، د ٤، م: "أبي"، وهو خطأ.
(¬٢) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ٦/ ٣٢٦١، والبيهقي في الكبرى ١/ ٣٣٠، من طريق حرام بن عثمان، به. ولفظه كما عند أبي نعيم: عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد، ابني جابر، عن جابر بن عبد الله، قال: جاءت أسماء بنت مرشد، أخت بني حارثة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، إني حدثت لي حيضة لم أكن أحيضها، قال: "وما هي؟ " قالت: أمكث ثلاثًا، أو أربعًا بعد أن أطهر، ثم ترجعني فتحرم عليَّ الصلاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيت ذلك، فامكثي ثلاثًا، ثم تطهري وصلي". قال البيهقي بعد أن ساق الحديث: حرام بن عثمان ضعيف، لا تقوم بمثله الحجة.
(¬٣) هذه الكلمة سقطت من د ٤، ف ٣.
(¬٤) سلف تخريجه في شرح الحديث الثالث عشر لنافع، وهو في الموطأ ٢/ ٢٠١ (١٩٥٨)، وسيأتي بإسناده أيضًا، في الحديث الحادي والعشرين لأبي الزناد، وهو في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٥) وانظر تخريجه هناك.
(¬٥) في الأصل، م: "الذي".

الصفحة 119