كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وحدَّثنا سعيدُ بن نَصْرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بن حمّادٍ، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، يعني: ابنَ سَعيدٍ القطّان، عن عُبيدِ الله، قال: حدَّثني نافع، عن ابن عُمرَ، عن حَفْصةَ، قالت: قلتُ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ما شأنُ النّاسِ حلُّوا، ولم تحِلَّ من عُمرتِكَ؟ قال: "إنِّي قلَّدتُ هَدْيي، ولبَّدتُ رأسي، فلا أحِلُّ حتّى أحِلَّ (¬١) من الحَجِّ" (¬٢).
فهذا عُبيدُ الله بن عُمرَ، وهُو من أثْبَتِ النّاسِ في نافع، قد قال كما قال مالكٌ سَواءً.
وهُو أمرٌ مُجتمَع عليه في القارِنِ: أنَّهُ لا يحِلُّ حتّى يحِلَّ منهُما جميعًا، بآخِرِ عَملِ الحجِّ.
وزعَمَ بعضُ أصحابِنا: أنَّ حديثَ حَفْصةَ هذا ليسَ فيه ما يدُلُّ على أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يومئذٍ مُتمتِّعًا، ولا قارِنًا. وقال: في جوابِهِ لها، ما يدُلُّ على أنَّهُ كان مُفرِدًا، لقولِهِ: "لبَّدتُ رأسي، وقلَّدتُ هَدْيي". ولم يعرِف أنَّ هَدْي المُفرِدِ تَطَوُّعٌ لا يمنعُ من إحلالٍ لمن أُمِرَ بفَسْخ حجِّهِ في عُمرةٍ، كما أمَرَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَومئذٍ أصحابَهُ. وسنُبيِّنُ هذا المعنى فيما بعدُ من هذا البابِ إن شاءَ الله، وإنَّما حَمَلهُ على ذلك، واللهُ أعلمُ، تَقْصيرُ (¬٣) البُخاريِّ عنهُ، في رِوايةِ عُبيدِ الله.
حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ. وأخبرنا أحمدُ بن محمدٍ وأحمدُ بن سعيدٍ وأحمدُ بن قاسم، قالوا: حدَّثنا وَهْبُ بن مسرَّةَ. قالا جميعًا: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ،
---------------
(¬١) قوله: "حتى أحل" سقط من الأصل، م.
(¬٢) انظر تخريجه في لاحقيه.
(¬٣) في د ٤: "تفسير"، خطأ.

الصفحة 12