كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

أو أحمرُ يضرِبُ إلى السَّوادِ، وفي إدبارِهِ يصيرُ إلى الرِّقّةِ والصُّفرةِ، تَرَكتِ الصَّلاةَ في إقبالِهِ، فإذا أدبَرَ اغتسلَتْ وصلَّت، وتوضَّأت لكلِّ صلاةٍ، فإن لم يكُن دَمُها مُنْفصِلًا، وكانت لها أيامٌ من الشَّهرِ تَعرِفُها، أمسكَتْ عنِ الصَّلاةِ فيها، واغتسلَتْ إذا جاوَزَتها، وإن كانت لا تَعرِفُ أيامها، بأن تكون أُنسِيتها، وكان دمُها مُشكلًا لا ينفصِلُ، قعدَتْ سِتّةَ أيام أو سبعةً في كلِّ شهرٍ، على حديثِ حمنةَ بنتِ جَحشٍ.
وأمّا المُبتدأةُ بالدَّم، فإنَّها تحتاطُ، فتجلِسُ يومًا وليلةً، وتغتسِلُ، وتتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ، وتُصلِّي، فإنِ انقطَعَ عنها الدَّمُ في خمسةَ عشرَ اغتسلَتْ عندَ انقِطاعِهِ، وتفعلُ من ذلك مِثلَ ذلك ثانيةً وثالِثةً، فإن كان بمعنًى واحِدٍ، عمِلَتْ عليه، وأعادَتِ الصَّومَ إن كانت صامَتْ، وإنِ استمرَّ بها الدَّمُ، ولم تُميِّز قعدَتْ في كلِّ شهرٍ سِتًّا أو سبعًا؛ لأنَّ الغالِبَ من النِّساءِ أنَّهُنَّ هكذا يحِضنَ.
وقولُ إسحاقَ بن راهُوية وأبي عُبيدٍ في هذا البابِ، نحوُ قولِ (¬١) أحمدَ بن حَنْبل في استِعمالِ الثَّلاثةِ الأحاديث:
حديثِ فاطِمةَ بنتِ أبي حُبيشٍ، في تميِيزِ إقبالِ حَيْضتِها، وإدبارِها.
وحديثِ أُمِّ سَلَمةَ في عَددِ اللَّيالي والأيام المعرُوفةِ لها، إذا كانت لا تُميِّزُ انفِصالَ دَمِها.
وحديثِ حمنةِ بنتِ جحشٍ فيمَنْ لا تعرِفُ أيامَها، ولا تُميِّزُ دَمها (¬٢).
وقال الطَّبرِيُّ: أقلُّ الحيضِ يومٌ وليلةٌ، وأكثرُهُ خمسةَ عشَرَ يومًا، فإن تمادَى بها الدَّمُ أكثرَ من خمسةَ عشَرَ يومًا، قضَتْ صلاةَ أربعةَ عشرَ يومًا، وخمسَ عشْرةَ ليلةً، إلّا أن يكونَ لها عادةٌ، فتَقْضِي ما زادَ على عادتِها (¬٣).
---------------
(¬١) في ف ٣: "قيل".
(¬٢) والأحاديث الثلاثة قد تقدموا في هذا الباب، وتقدم تخريجهم.
(¬٣) انظر: تفسير القرطبي ٣/ ٨٤.

الصفحة 122