كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

ورُوِي عنها: أنَّها لا تَدَعُ الصَّلاةَ على حالٍ. رواهُ سُليمانُ بن مُوسى، عن عطاءٍ، عن عائشةَ (¬١).
وهُو قولُ جُمهُورِ التّابِعِين بالحِجازِ والعِراقِ، وبه قال أحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثورٍ، وأبو عُبيدٍ.
وأمّا غُسلُ المُستحاضةِ ووُضُوؤُها (¬٢)، فأجمعُوا أنَّ عليها، إذا كانت مِمَّن تُميِّزُ دمَ حَيْضَتِها، من دَم استِحاضتِها، أن تغتسِلَ عندَ إدبارِ حَيْضتِها، وكذلك إذا لم تعرِف ذلك وقعدَتْ ما أُمِرَتْ به من عَدَدِ اللَّيالي والأيام، التي كانت تحِيضُهُنَّ من الشَّهرِ، اغتسلَتْ عندَ انقِضاءِ ذلك، على حسَبِ ما جاءَ منصُوصًا في حديثِ أُمِّ سلَمةَ، وغيرِهِ، على مذاهِبِ العُلماءِ في ذلك، مِمّا قد ذكَرْناهُ في هذا البابِ، والحمدُ لله.
ثُمَّ اختلفُوا فيما علَيها بعد ذلك من غُسلٍ، أو وُضُوءٍ.
فذهَبَت طائفةٌ من أهلِ العِلْم، إلى أنَّ المُسْتَحاضةَ تغتسِلُ لكلِّ صلاةٍ، بحديثِ ابنِ شِهاب، عن عُروةَ وعمرةَ، جميعًا عن عائشةَ: أنَّ أُمَّ حبِيبةَ بنت جَحشٍ -وبعضُ أصحابِ ابنِ شِهابٍ يقولُ عنهُ فيه: حَمْنةَ بنتَ جَحشٍ، ولا يصِحُّ عنهُ. وقال معمرٌ وابنُ عُيينةَ وإبراهيمُ بن سعدٍ ويُونُسُ بن يزِيد وغيرُهُم: أُمَّ حبِيبةَ بنتَ جَحْش (¬٣)، وهو الصواب- استُحِيضت، فاسْتَفتَتْ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لها: "إنَّما ذلك عِرقٌ، فاغتسِلِي، ثُمَّ صلِّي". فكانت تغتسِلُ لكلِّ صلاةٍ (¬٤).
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٢١٤)، والدارمي (٩٤٥)، وابن المنذر في الأوسط (٨٢١) من طريق سليمان بن موسى، به.
(¬٢) ينظر في وضوء المستحاضة: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٦٨، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٣٤٥.
(¬٣) زاد هنا في الأصل، د ٤، م: "وهو الصواب".
(¬٤) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.

الصفحة 125