كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

عن يحيى بن أبي كثِيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، قال: أخبَرتني زينبُ بنتُ أُمِّ سلمةَ: أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ الدِّماء على عَهدِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت تحتَ عبدِ الرَّحمنِ بن عَوْفٍ، أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أمَرَها أن تغتسِلَ عندَ كلِّ صلاةٍ. قال أبو داود: وفي حديثِ ابنِ عَقِيلٍ في قِصّةِ حَمْنةَ الأمرانِ (¬١) جميعًا، قال: "إن قَوِيتِ فاغتسِلي لكلِّ صلاةٍ، وإلّا فاجمَعِي بينَ الصَّلاتينِ بغُسلٍ واحِدٍ".
قال: وكذلك رَوَى سعِيدُ بن جُبيرٍ -عنِ ابنِ عبّاسٍ وعليٍّ- أنَّها تغتسِلُ لكلِّ صلاةٍ.
قال أبو عُمر: هذا الحديثُ رواهُ همّامٌ، عن قَتادةَ، عن أبي حسّانٍ، عن سعِيدِ بن جُبَيرٍ: أنَّ امرأةً أتتِ ابن عبّاسٍ بكِتابٍ، بعدما ذهَبَ بصرُهُ، فدفَعهُ إلى ابنِهِ فتبرَّأ منهُ، فدفَعهُ إليَّ، فقرأتُهُ، فقال لابنِه: أَلا هَذْرَمتهُ (¬٢) كما هذرمهُ الغُلامُ المُضَرِيُّ (¬٣) فإذا فيه: بسم الله الرَّحمنِ الرَّحِيم، منَ امرأةٍ من المُسلِمِينَ، أنَّها استُحِيضَتْ، فاستفتَتْ عليًّا، فأمَرَها أن تغتسِلَ وتُصلِّي. فقال ابنُ عبّاس: اللَّهُمَّ لا أعلَمُ القولَ، إلّا ما قال عليٌّ. ثلاث مرّاتٍ (¬٤).
قال قَتادةُ: وأخبَرني عَزْرةُ (¬٥)، عن سعِيدٍ، أنَّهُ قيلَ لهُ: إنَّ الكُوفةَ أرضٌ بارِدةٌ، وإنَّهُ يشُقُّ عليها الغُسلُ لكلِّ صلاةٍ. فقال: لو شاءَ اللهُ لابتَلاها بما هُو أشدُّ منهُ (¬٦).
---------------
(¬١) في النسخ: "الأمرين"، ولا يصحّ نحوًا كما هو ظاهر، والمثبت يعضده ما في سنن أبي داود الذي ينقل المصنف منه.
(¬٢) الهذرمة: السرعة في الكلام والقراءة. انظر: لسان العرب ١٢/ ٦٠٦.
(¬٣) في الأصل، م: "المصري".
(¬٤) أخرجه ابن سعد في طبقاته الكبرى ٦/ ٢٥٩، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٩٩ - ١٠٠، من طريق همام، به.
(¬٥) في د ٤: "عروة"، محرّف، وهو: عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي الكوفي الأعور. تهذيب الكمال ٢٠/ ٥١، وشيخه هو: سعيد بن جبير.
(¬٦) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٠، من طريق همام، به.

الصفحة 127