كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وقال يزِيدُ بن إبراهيمَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن سعِيدِ بن جُبيرٍ: إنَّ امرأةً من أهلِ الكُوفةِ استُحِيضَتْ، فكتبَتْ إلى عبدِ الله بن عُمرَ، وعبدِ الله بن عبّاسٍ، وعبدِ الله بن الزُّبيرِ، تُناشِدُهُمُ اللهَ، وتقولُ: إنِّي امرأةٌ مُسلِمةٌ، أصابني بَلاءٌ، وإنَّها استُحِيضَتْ مُنذُ سِنِينَ، فما ترونَ في ذلك؟ فكان أوَّلَ من وقعَ الكِتابُ في يَدِهِ ابنُ الزُّبيرِ، فقال: ما أعلمُ لها إلّا أن تدَعَ قُرأها، وتغتسِلَ عندَ كلِّ صلاةٍ، وتُصلِّي. فتتابعُوا على ذلك (¬١).
فهذا كلُّهُ حُجّةُ من جعلَ على المُستحاضةِ الغُسل لكلِّ صلاةٍ.
وقال آخرُونَ: يجِبُ عليها أن تغتسِلَ للظُّهرِ والعصرِ غُسلًا واحِدًا، تُصلِّي به الظُّهرَ في آخِرِ وقتِها، والعصرَ في أوَّلِ وقتِها، وتغتسِلَ للمغرِب والعِشاءِ غُسلًا واحِدًا، تُقدِّمُ الأُولى، وتُؤَخِّرُ الآخِرةَ (¬٢)، وتغتسِلَ للصُّبحِ غُسلًا.
واحتجُّوا بما رواهُ محمدُ بن إسحاقَ، عن عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: إنَّما هي سَهْلةُ بنتُ سُهيلِ بن عَمرٍو استُحِيضَتْ، وإنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمُرُها بالغُسلِ عندَ كلِّ صلاةٍ، فلمّا جهَدَها ذلك، أمرَها أن تجمعَ الظُّهرَ والعصرَ في غُسلٍ واحِدٍ، والمغرِبَ والعشاءَ في غُسلٍ واحِدٍ، وتغتسِلَ للصُّبح (¬٣).
---------------
(¬١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٠، من طريق يزيد بن إبراهيم، به.
(¬٢) في ف ٣: "الثانية".
(¬٣) أخرجه أحمد في مسنده ٤١/ ٣٧١ - ٣٧٢ (٢٤٨٧٩)، والدارمي (٧٨٥)، وأبو داود (٢٩٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠١، والطبراني في الأوسط ٤/ ٢٧٩ (٤١٩٧)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٣٥٢، من طريق ابن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٣٤٠ (١٦١٢٥).
وهذا الحديث ضعيف اختُلف فيه على عبد الرحمن بن القاسم، فرواه ابن إسحاق عنه هكذا، وخالفه شعبة فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة موقوفًا، ولم يسم المستحاضة، كما في الحديث الآتي بعد هذا، وأيد البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٣٥٣ الرواية الموقوفة، وهي ضعيفة أيضًا. ثم اختلف في تسمية المستحاضة عند من سماها بين: سهلة بنت سُهيل، وسهيلة بنت سهل.

الصفحة 128