كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

ورِوايةُ أبي حنِيفةَ، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ لهذا الحديثِ، كرِوايةِ يحيى بن هاشم (¬١) سواءً، قال فيه: "وتَوضَّئي لكلِّ صَلاةٍ". وكذلك رِوايةُ حمّادِ بن سَلَمةَ، عن هشام أيضًا، بإسنادِهِ مِثلهُ (¬٢). وحمّادُ بن سلمةَ في هشام بن عُروةَ ثَبْتٌ ثِقةٌ.
وأمّا سائرُ الرُّواةِ لهُ عن هشام بن عُروةَ، فلم يذكُرُوا فيه: الوُضُوءَ لكلِّ صلاةٍ: لا مالكٌ، ولا اللَّيثُ، ولا ابنُ عُيينةَ، ولا غيرُهُم، إلّا من ذكرتُ لك، فيما عَلِمت.
وروى شُعبةُ قال: حدَّثنا عبدُ الملكِ بن مَيْسرةَ، والمُجالِدُ بن سعِيدٍ، وبيانٌ، قالوا: سمِعنا عامرًا الشَّعبِي يُحدِّثُ، عن قُمَيرَ امرأةِ مسرُوقٍ، عن عائشةَ، أنَّها قالت في المُسْتَحاضةِ: تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ حَيْضتِها وتغتسِلُ غُسلًا واحِدًا، ثُمَّ تتوضَّأُ عندَ كلِّ صَلاةٍ (¬٣).
ورَوَى الثَّورِيُّ، عن فِراسٍ وبيانٍ، عنِ الشَّعبِيِّ، عن قُمَيرَ، عن عائشةَ مِثلهُ (¬٤).
قالوا: فلمّا رُوِي عن عائشةَ: أنَّها أفتَتْ بعدَ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في المُستحاضةِ: أنَّها تتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ -فقد كان رُوِي عنها مرفوعًا ما تقدَّمَ ذِكرُهُ، من حُكم المُستحاضةِ: أنَّها تَغْتسِلُ لكلِّ صلاةٍ. ومن حُكمِها أنَّها تجمعُ بينَ الصَّلاتينِ بغُسل واحِدٍ- عَلِمنا بفتواها وجَوابِها، بعدَ وفاةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنَّ الذي أفتَتْ به، هُو النّاسخُ عندَها؛ لأنَّهُ لا يجُوزُ عليها أن تدَعَ النّاسِخَ، وتُفتِيَ بالمنسُوخ، ولو فعلَتْ لسقطَتْ رِوايتُها.
فهذا وجهُ تهذِيبِ الآثارِ في هذا المعنى.
---------------
(¬١) في د ٤، م: "بن هشام". انظر: ما قبله. وهو يحيى بن هاشم السمسار الغساني. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩/ ١٩٥.
(¬٢) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٥، والبيهقي في الكبرى ١/ ٣٣٥، من طريق شعبة، به.
(¬٤) أخرجه الدارمي (٧٩٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٥، من طريق سفيان الثوري، به.

الصفحة 133