كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

من دِهْقانٍ بالمدائنِ، فسَقاهُ في إناءٍ من فِضّةٍ، فحَذَفهُ به (¬١)، ثُمَّ اعتذَرَ إلى القَوم، فقال: إنِّي كنتُ نَهيتُهُ أن يَسْقِيني (¬٢) فيه. ثُمَّ قال: إنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قامَ فينا فقال: "لا تَشْربُوا في آنِيةِ الفِضّةِ والذَّهب، ولا تلبسُوا الدِّيباجَ والحرِيرَ، فإنَّها لهم في الدُّنيا، ولكُم في الآخِرةِ" (¬٣).
وقد رُوِي عن بعضِ أصحابِ داودَ: أنَّهُ كرِهَ الشُّربَ في إناءِ الفِضّةِ، ولم يكرَهْ ذلك في الذَّهبِ، وهذا لا يُشتغِلُ به، لما وصفنا، والحمدُ لله.
وقال الأثرمُ: سمِعتُ أبا عبدِ الله، يعني: أحمدَ بن حَنْبل -وقيل لهُ: رجُلٌ دعا رجُلًا إلى طَعام، فدخَلَ فرأى آنِيةَ فِضّةٍ؟ - فقال: لا يدخُلُ إذا رآها. وعلَّظَ (¬٤) فيها وفي كسبِها، واستِعمالِها.
وذكرَ حديثَ حُذيفةَ المذكُور، وحديثَ أُمِّ سلمةَ، حديثَ هذا البابِ، وذكرَ حديثَ البَراءِ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عن آنِيةِ الفِضّةِ، في سَبعْ أشياءَ نَهَى عنها (¬٥).
واختلَفَ العُلماءُ في الشُّربِ في الإناءِ المُفضَّضِ، بعدَ إجماعِهِم على تحرِيم استِعمالِ إناءِ الفِضّةِ والذَّهَبِ، في شُربٍ أو غيرِهِ (¬٦).
---------------
(¬١) هذا الحرف سقط من الأصل، م.
(¬٢) في الأصل: "يسقي" وفي د ٤: "يسقني"، واثمبت من بقية النسخ، وهو الذي في صحيح مسلم.
(¬٣) أخرجه الحميدي (٤٤٠)، ومسلم (٢٠٦٧)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٩٨، وفي الكبرى ٨/ ٤٠٨ (٩٥٤٢)، وابن الجارود في المنتقى (٨٦٥)، وأبو عوانة (٨٤٨٥) من طريق سفيان، به. وأخرجه البخاري (٥٨٣٧)، والدارقطني في سننه ٥/ ٥٣٠ (٤٧٩٦)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٨، و ٣/ ٢٦٦، من طريق ابن أبي نجيح، به.
(¬٤) في م: "وغلط".
(¬٥) أخرجه البخاري (١٢٣٩)، ومسلم (٢٠٦٦).
(¬٦) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (٢٤٦٢١ - ٢٤٦٣٨)، ومسائل أحمد وإسحاق للكوسج ٨/ ٤٠٧١ (٢٩٠٢)، والإشراف لابن المنذر ٨/ ٩٩، ومختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٣، وشرح مختصر الطحاوي للجصاص ٨/ ٥٤٧.

الصفحة 144