كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وقد رَوَى محمدُ بن إسحاقَ، عن يحيى بن عبّادِ بن عبدِ الله بن الزُّبيرِ، عن أبيه عن عائشةَ: أنَّ النَّجاشِيَّ أهْدَى إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حِليةً فيها خاتَمٌ من ذهَبٍ، فصُّهُ حَبَشِيٌّ (¬١)، فأخذَهُ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بعُودٍ، أو ببعضِ أصابِعِهِ وإنَّهُ لَمُعرِضٌ عنهُ، فدَعا ابنةَ ابنتِهِ أُمامةَ بنتَ أبي العاصِ، فقال: "تَحَلَّيْ بهذا يا بُنيّةُ" (¬٢).
وعلى هذا النّاسُ (¬٣)، للنِّساءِ خاصّةً، واللهُ المُوفِّقُ للصَّوابِ.
رَوَى عُبيدُ الله بن عُمرَ، عن نافع، عن سعِيدِ بن أبي هِندٍ، عن أبي موسى الأشعرِيِّ، قال: قال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أحلَّ لإناثِ أُمَّتِي الحرِيرَ والذَّهبَ، وحَرَّمهما على ذُكُورِها (¬٤) " (¬٥).
وقد ذكَرْنا هذا الخبَر من طُرُقٍ، في بابِ نافع.
وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن لُبسِ القَسِّيِّ. فإنَّها ثِيابٌ مُضلَّعةٌ بالحرِيرِ، يُقالُ لها: القَسِّيّةُ، تُنسبُ إلى مَوْضِع يُقالُ لهُ: قَسُّ، ويُقالُ: إنَّها قَرْيةٌ من قُرى مِصرَ، وهِي ثِيابٌ يَلْبسُها أشرافُ (¬٦) النِّساءِ.
---------------
(¬١) قال ابن الأثير: يحتمل أنه أراد من الجزع، أو العقيق لأن معدنهما اليمن أو الحبشة، أو نوعًا آخر ينسب إليها. وذكر ابن البيطار في المفردات: أنه صنف من الزبرجد. انظر: النهاية ١/ ٣٣٠.
(¬٢) أخرجه ابن سعد في طبقاته ٨/ ٤٠، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٥٦٤٩)، وأحمد في مسنده ٤١/ ٣٧٣ (٢٤٨٨٠)، وأبو داود (٤٢٣٥)، وابن ماجة (٣٦٤٤)، وأبو يعلى (٤٤٧٠)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٤١ من طريق محمد بن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٩٦ (١٦٨٨٢).
(¬٣) في م: "القياس".
(¬٤) في د ٤: "ذكورهما"، خطأ.
(¬٥) سلف تخريحه في شرح حديث نافع، في الحلة السيراء، كما ذكر المصنف، وهو في الموطأ ٢/ ٥٠٤ (٢٦٦٣).
(¬٦) زاد هنا في م: "الناس".

الصفحة 153