كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

قال النُّميرِيُّ الشّاعِرُ (¬١):
ولمّا رأت ركبَ النُّميرِيِّ راعَها ... وكُنَّ من أنْ يَلْقينهُ حَذِراتِ
فأدنَيْنَ حتّى جاوزَ الرَّكبُ دُونَها ... حِجابًا من القَسِّيِّ والحِبَراتِ (¬٢)
وقد مَضَى القولُ في لباسِ الحرِيرِ، قليلِهِ وكثِرِهِ، وما خالَط الثِّيابَ منهُ، فيما تقدَّم من حديثِ نافع (¬٣) في هذا الكِتابِ، وقد مضى هنالكَ ما للعُلماءِ في ذلك من الكراهِيةِ لهُ (¬٤) جُملةً والإباحةِ، وقد مهَّدنا القول وبَسطناهُ بالآثارِ، وأوضحناهُ في تختُّم الذَّهبِ وغيرِهِ، مِمّا يجُوزُ أن يُتَخَتَّمَ (¬٥) به، في بابِ عبدِ الله بن دِينارٍ (¬٦)، فتأمَّلهُ تراهُ (¬٧) هُناك إن شاءَ الله، إلّا أنّا لم نذكُر هُناك شَدَّ الأسنانِ بالذَّهب.
وقدِ اختُلِفَ في شَدِّ الأسنانِ بالذَّهبِ، فكرِههُ قومٌ، وأباحَهُ آخرُونَ.
حدَّثنا عبدُ الله، قال: حدَّثنا عبدُ الحمِيدِ، قال: حدَّثنا الخَضِرُ، قال: حدَّثنا الأثرمُ، قال: سمِعتُ أحمدَ بن حَنْبل يُسألُ: هل يُضبِّبُ الرَّجُلُ أسنانَهُ بالذَّهبِ؟ فقال: لا بأسَ بذلك، قد فعلَ ذلك بالذَّهبِ خاصّةً جَماعةٌ من العُلماءِ.
وذكَرهُ الأثرمُ، عنِ المُغِيرةِ بن عبدِ الله، وأبي جَمْرةَ (¬٨) الضُّبعِيِّ، وأبي
---------------
(¬١) في د ٤: "قال الشاعر، وهو النميري". واسمه: محمد بن عبد الله بن نمير، شاعر غزل معروف، من شعراء الدولة الأموية، وهذان البيتان من قصيدة يتشبّب فيها بزُبَيْب بنت يوسف أخت الحجّاج. والبيت الأول منهما لم يرد في د ٤.
(¬٢) انظر البيتين في الأغاني لأبي الفرج ٦/ ١٩٣ - ١٩٤.
(¬٣) تقدم في شرح الحديث السادس والثلاثون له، حديث الحلة السيراء، وهو في الموطأ ٢/ ٥٠٤ (٢٦٦٣).
(¬٤) شبه الجملة "له" سقط من م.
(¬٥) في م: "يختم".
(¬٦) سيأتي في شرح الحديث الثامن عشر، لعبد الله بن دينار، وهو في الموطأ ٢/ ٥٢٥ (٢٧٠٤).
(¬٧) كذا.
(¬٨) في د ٤: "عمرة"، وهو تحريف بيّن.

الصفحة 154