كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

من جَوازِ أكلِ ما ذُبِح بغيرِ إذنِ مالكِهِ، ورَدُّوا به على من أبَى من أكْلِ ذبِيحةِ السّارِقِ والغاصبِ، إذا ذَبَحا بغيرِ إذنِ المالكِ.
ومِمَّن ذهبَ إلى كراهيةِ أكلِ ذَبِيحةِ السّارقِ (¬١) ومن أشْبَههُ: داودُ، وإسْحاقُ. وتقدَّمهُم إلى ذلك: عِكْرِمةُ (¬٢). وهذا قولٌ شاذٌّ عندَ أهلِ العِلم، لم يُعرِّج عليه فُقهاءُ الأمْصارِ، لحديثِ نافع هذا.
وقد ذكَرَ ابنُ وَهْبٍ في "مُوطَّئهِ" -بإثرِ حديثِ مالكٍ عن نافع هذا- قال ابنُ وَهْبٍ: وأخبَرني أُسامةُ بن زيدٍ اللَّيثيُّ، عنِ ابنِ شِهاب، عن عبدِ الرَّحمنِ بن كَعْبِ بن مالكٍ، عن أبيه: أنَّهُ سألَ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، فلم يَرَ بها بأسًا (¬٣).
ومِمّا يُؤَكِّدُ هذا المذهب: حديثُ عاصِم بن كُليب الجَرْمِيِّ (¬٤)، عن أبيه، عن رجُلٍ من الأنصارِ، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الشّاةِ التي ذُبِحَتْ بغيرِ إذْنِ ربِّها، فقال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أطْعِمُوها الأُسارَى" (¬٥).
وهُم مِمَّن تجُوزُ عليهمُ الصَّدقةُ بمِثلِها، ولو لم تكُن ذكِيّةً، ما أطْعَمها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.
---------------
(¬١) من قوله: "والغاصب" إلى هنا، لم يرد في م، وهو ثابت في الأصل، لكنه جاء مستدركًا في حاشية النسخة.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٨٥٦٧)، وصحيح البخاري قبل رقم (٥٥٤٣).
(¬٣) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٤٥٣ - ٤٥٤، والطبراني في الكبير ١٩/ ٧٣، ٨٣ (١٤٤، ١٦٩) من طريق ابن وهب، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ٤٥ (١٥٧٦٥) من طريق أسامة بن زيد، به.
(¬٤) في ف ٣، م: "الحرمي". وهو عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي. انظر: تهذيب الكمال ١٣/ ٥٣٧.
(¬٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٦٥٠٠)، وأحمد في مسنده ٣٧/ ١٨٥ - ١٨٦ (٢٢٥٠٩)، وأبو داود (٣٣٣٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٠٨، وفي شرح مشكل الآثار ٧/ ٤٥٥ - ٤٥٦ (٣٥٠٥، ٣٠٠٦)، والدارقطني في سننه ٥/ ٥١٤ - ٥١٥ (٤٧٦٣)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٣٥، من طرق عن عاصم بن كليب، به. وانظر: المسند الجامع ١٨/ ٧٢٠ - ٧٢١ (١٥٦١٠).

الصفحة 171