كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وهذا لا حُجّةَ فيه؛ لأنَّهُ كلامٌ خرجَ على الأغلَبِ من أعمارِ أُمَّتِهِ، لو صَحَّ الحديثُ.
وفيه: دليلٌ على التَّوسِعةِ إلى السَّبعِينَ، لأنَّهُ من الأغلَبِ أيضًا.
ولا يَنْبغِي أن يُقطَع بتَفسِيقِ من صحَّتْ عَدالتُهُ ودِينُهُ وأمانتُهُ، بمِثلِ هذا من التَّأوِيلِ الضَّعِيفِ، وباللَّه التَّوفيقُ.
ومِمّا احتجَّ به ابنُ خُوَيْز مَنْداد، في جَوازِ تأخِيرِ الحجِّ، وأنَّهُ ليسَ على الفورِ، حديثُ ضِمام بن ثَعْلبةَ السَّعدِيِّ، من بني سَعدِ بن بكرٍ، قدِمَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسألهُ عنِ الإسلام، فذكَرَ الشَّهادةَ، والصَّلاةَ، والزَّكاةَ، وصومَ رمضانَ، والحجَّ، وقال في آخِرِ الحديثِ: هل عليَّ غيرُها؟ قال: "لا إلّا أن تطَّوَّعَ. . . " الحديثَ. على نحوِ ما ذكَرَهُ مالكٌ من حديثِ طلحةَ بن عُبيدِ اللَّه، في الأعرابِيِّ من أهلِ نجدٍ، إلّا أنَّهُ ليسَ في حديثِ مالكٍ ذِكرُ الحجِّ.
وقد رَوَى حديثَ ضمام هذا: عبدُ اللَّه بن عبّاسٍ (¬١)، وأبو هريرةَ، وأنسُ بن مالكٍ، وفيها كلِّها ذِكرُ الحجِّ، وحديثُ أنسٍ أحسَنُها سِياقةً وأتمُّها، ونَحوُهُ حديثُ ابنِ عبّاسٍ.
واختُلِفَ في وَقتِ قُدُومِهِ، فقيل: قدِمَ ضِمامُ بن ثَعْلبةَ على رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سنةِ خَمْسٍ. وقيل: في سَنةِ سبع. وقال ابنُ هشام، عن أبي عُبيدةَ في سَنةِ تِسع: سَنةِ وَفدِ أكْثَرِ (¬٢) العربِ. وذكَرَ ابنُ إسحاق قُدُومَ ضِمام بن ثَعْلبةَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يذكُرِ العامَ الذي قدِمَ فيه (¬٣).
---------------
(¬١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه، وكذا ما بعده.
(¬٢) في ف ٣: "وقد" بدل: "سنة وفد أكثر".
(¬٣) انظر: السيرة لابن هشام ٥/ ٢٦٧.

الصفحة 206