كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

عليكَ قد عرَفْناهُ، فكيفَ الصَّلاةُ؟ فقال: "قُل: اللَّهُمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، إنَّكَ حمِيدٌ مجِيدٌ، وبارِك على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على آلِ إبراهيمَ (¬١)، إنَّكَ جميدٌ مجِيدٌ" (¬٢). هذا لفظُ حديثِ الثَّورِيِّ.
وهذا الحديثُ يدخُلُ في التَّفسِيرِ المُسندِ، ويُبيِّنُ معنَى قولِ اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] فبيَّنَ لهم رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيفَ الصَّلاةُ عليه، وعلَّمهُم في التَّحِيّاتِ كيف السَّلامُ عليه، وهُو قولُهُ في التَّحِيّاتِ: "السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّه، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللَّه الصالحِينَ".
وهذا معنى قولِهِ في حديثِ مالكٍ: "والسَّلامُ كما قد علِمتُم".
ويشهدُ لذلك قولُ عبدِ اللَّه بن عبّاسٍ (¬٣)، وابنِ عُمرَ (¬٤)، وابنِ مسعُودٍ (¬٥): كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعلِّمُنا التَّشهُّدَ، كما يُعلِّمُنا السُّورةَ من القُرآنِ. وهُو أيضًا معنى حديثِ كَعْبِ بن عُجْرةَ المذكُورِ عندَ نُزُولِ الآيةِ.
---------------
(¬١) زاد هنا في د ٤: "في العالمين"، ولا تصحّ الزيادة من حديث الثوري.
(¬٢) أخرجه الطيالسي (١١٥٧)، وأحمد في مسنده ٣٠/ ٣٣ (١٨١٠٥)، والبخاري (٦٣٥٧)، ومسلم (٤٠٦) (٦٦)، والنسائي في المجتبى ٣/ ٤٨، وفي الكبرى ٢/ ٧٤، و ٩/ ٢٨ (١٢١٣، ٩٧٩٩)، وابن الجارود في المنتقى (١٠٦)، وأبو عوانة (١٩٦٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٩ (٢٢٣٤)، وابن حبان ٣/ ١٩٣ (٩١٢) من طريق شعبة، به. وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٣١٠٥)، وأحمد أيضًا ٣٠/ ٣٠ (١٨١٠٤)، وأبو عوانة (١٩٦٩)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٨ (٢٢٣١)، والطبراني في الكبير ١٩/ ١٢٣ - ١٢٤ (٢٦٦) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، عن الحكم، به. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٥٦٦ - ٥٦٨ (١١٢٤٣).
(¬٣) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٤) أخرجه أحمد في مسنده ٩/ ٢٦٢ - ٢٦٣ (٥٣٦٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٦٣. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ١٢٩ (٧٣٢١).
(¬٥) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.

الصفحة 221