كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)
وذكر أبو بكر بن أبي شَيْبةَ (¬١)، عن إسماعيلَ بن عيّاشٍ، عن محمدِ بن زيادٍ الألهانيِّ وشُرحبيلَ بن مُسلِم، عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ: أنَّهُ كان لا يمُرُّ بمُسلِم، ولا يهُوديٍّ، ولا نَصْرانيٍّ، إلّا بدأهُ بالسَّلام.
ورُوي عنِ ابنِ مسعُودٍ وأبي الدَّرداءِ وفَضالةَ بن عُبيدٍ: أنَّهُم كانوا يبدءُونَ أهلَ الذِّمّةِ بالسَّلام (¬٢).
وعن ابنِ عبّاسٍ (¬٣)، أنَّهُ كتبَ إلى رجُلٍ من أهلِ الكِتابِ: السَّلامُ عليكَ (¬٤).
وعنهُ أيضًا أنَّهُ قال: لو قال لي فِرعونُ خيرًا، لرَدَدتُ عليه مِثلَهُ.
ورَوَى الوليدُ بن مُسلِم، عن عُروةَ بن رُوَيم، قال: رأيتُ أبا أُمامةَ الباهِليَّ يُسلِّمُ على كلِّ من لقِيَ من مُسلِم وذِمِّيٍّ، ويقولُ: هي تحيّةٌ لأهلِ مِلَّتِنا، وأمانٌ لأهلِ ذِمَّتِنا، واسمٌ من أسماءِ اللَّه نُفْشيهِ بيننا.
وقيل لمحمدِ بن كعبٍ القُرَظيِّ: إنَّ عُمرَ بن عبدِ العزيزِ سُئلَ عنِ ابتِداءِ أهلِ الذِّمّةِ بالسَّلام (¬٥) فقال: نرُدُّ عليهم، ولا نَبْدؤُهُم. فقال: أمّا أنا، فلا أرى بأسًا أن نَبَدأهُم بالسَّلام. قيل لهُ: لم؟ قال: لقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {فَاصْفَحْ (¬٦) عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٩].
ومذهَبُ مالكٍ في ذلك، كمذهبِ عُمرَ بن عبدِ العزيزِ. وأجازَ ذلك ابنُ وَهْبٍ.
وقد يحتمِلُ عِندي حديثُ سُهَيلٍ، أن يكون معنى قولِهِ: "لا تبدؤُوهُم".
---------------
(¬١) أخرجه في المصنَّف (٢٦٢٦٥).
(¬٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٦٢٦٦).
(¬٣) في الأصل، م: "ابن مسعود".
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٦٢٦٢).
(¬٥) هذه الكلمة سقطت من الأصل، م.
(¬٦) في الأصل، ف ٣: "فأعرض".