كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

فقال مالكٌ (¬١) في مِثلِ هذا: لا يُلتَفتُ إلى اللَّفظِ الفاسِدِ، إذا كان يَعلَمُها (¬٢) حَلالًا، وكأنَّهُ باعَهُ السِّلْعةَ بتلك الدَّراهِم، التي ذكَرا أنَّهُ يأخُذُها في الدَّنانيرِ.
وقال أبو حَنِيفةَ والشّافعيُّ (¬٣)، فيمَنْ باعَ سِلْعةً بدنانيرَ معلُومةٍ، على أن يُعطِيهُ المُشترِي بها دراهِمَ، فالبيعُ فاسِدٌ. وهُو قولُ جُمهُورِ أهلِ العِلم؛ لأنَّهُ من بابِ بَيْعتينِ في بَيْعةٍ، ومن بابِ بيع صَرْفٍ (¬٤) لم يُقبَضْ.
ومِن هذا البابِ أيضًا، الصَّرفُ يُوجَدُ فيه زُيُوفٌ، وهُو مِمّا اختَلفُوا فيه أيضًا.
فقال مالكٌ (¬٥): إذا وجَدَ في دراهِم الصَّرفِ دِرهمًا زائفًا، فرَضِي به جازَ، وإن ردَّهُ انتَقَضَ صرفُ الدِّينارِ (¬٦) كلِّهِ، وإن وجَدَ فيها أحَدَ عَشَرَ دِرهمًا ردِيئةً، انتقضَ الصَّرفُ في دِينارينِ، وكذلك ما زادَ على صَرْفِ دِينارٍ، انتقضَ الصَّرفُ في دِينارٍ آخر.
وقال زُفَرُ والثَّورِيُّ: يَبْطُلُ الصَّرفُ فيما ردَّ، قلَّ أو كثُرَ (¬٧).
وقد رُوِي عنِ الثَّورِيِّ: أنَّهُ إن شاءَ اسْتَبدَلهُ، وإن شاءَ كان شَرِيكهُ في الدِّينارِ بحِسابٍ.
---------------
(¬١) المغني لابن قدامة ٤/ ١٧٦.
(¬٢) في الأصل، م: "فعلهما"، وهو تحريف، ويدل ما نقله ابن قدامة في المغني حيث قال: "إذا كان معلومًا حلالًا".
(¬٣) انظر: الأم ٣/ ٣٣.
(¬٤) في م: "وصرف".
(¬٥) المغني ٤/ ٣٦.
(¬٦) في م: "الدين".
(¬٧) انظر: الإشراف لابن المنذر ٦/ ٦٠، وشرح مختصر الطحاوي للجصاص ٣/ ٤١، والمبسوط للسرخسي ١٢/ ١٤٤.

الصفحة 47