كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وقال أبو يُوسُف ومحمدٌ والأوزاعِيُّ واللَّيثُ بن سعدٍ والحسنُ بن حيٍّ: يستبدِلُهُ كلَّهُ (¬١).
وهُو قولُ ابنِ شِهاب، ورَبِيعةَ وكذلك قال الحسنُ وابنُ سِيرِين وقتادةُ: يرُدُّ عليه ويأخُذُ البَدَلَ، ولا ينتقِضُ من الصَّرفِ شيءٌ (¬٢).
وهُو قولُ أحمدَ بن حَنْبل (¬٣)، وهُو أحدُ أقاوِيلِ الشّافعيِّ. واختارَهُ المُزنِيُّ، قِياسًا على العَيبِ يُوجَدُ في السَّلَم، أنَّ على صاحِبِهِ أن يأتِيَ بمِثلِهِ.
وأقاوِيلُ الشّافعيِّ (¬٤) في هذه المسألةِ، أحدُها أنَّهُ قال: إذا اشْتَرى ذهَبًا بورِقٍ، عينًا بعَينٍ، ووجدَ أحدُهُما ببعضِ ما اشْتَرى عيبًا قبلَ التَّفرُّقِ أو بَعدهُ، فليسَ لهُ إلّا ردُّ الكلِّ، أوِ التَّمسُّكُ به. قال: وإذا تبايَعا ذلك بغيرِ عَينِهِ، فوجَدَ أحدُهُما، قبلَ التَّفرُّقِ، ببعضِ ما اشْتَرى عَيْبًا، فلَهُ البَدَلُ، وإن وجَدَهُ بعدَ التَّفرُّقِ، ففيها أقاوِيلُ، منها: أنَّها كالعَينِ، ومنها البَدلُ، ومنها ردُّ المعِيبِ بحِصَّتِهِ من الثَّمنِ. قال: ومتى افترَقَ المُضْطرِفانِ قبلَ التَّقابُضِ، فلا بيعَ بينهُما.
وقال أبو حَنِيفةَ: إذا افتَرَقا، ئُمَّ وجدَ النِّصف زُيُوفًا أو أكثرَ فردَّهُ، بطلَ الصَّرفُ في المردُودِ، وإنْ كان أقلَّ من النِّصفِ اسْتَبدلهُ (¬٥).
وقد مَضَى القولُ مُجوَّدًا في تحرِيم الازدِيادِ في بيع الوَرِقِ بالوَرِقِ، والذَّهَبِ بالذَّهبِ، في بابِ حُميدِ بن قَيْسٍ، وهُو أمرٌ اجتمعَ عليه فُقهاءُ الأمصارِ من أهلِ
---------------
(¬١) المصادر السابقة.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٤٥٥٥).
(¬٣) انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق الكوسج ٦/ ٢٦٤٨ (١٨٥٩)، ومسائل الإمام أحمد رواية أبي داود، ص ٢٦٧ (١٢٧٧).
(¬٤) انظر: الأم ٣/ ٣١.
(¬٥) انظر: المحيط البرهاني لابن مازة ٧/ ١٧٨، وبداية المجتهد لابن رشد ٣/ ٣١٣.

الصفحة 48