كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

واختَلفُوا في هؤُلاءِ، فذهب مالكٌ (¬١) والشّافِعيُّ (¬٢) واللَّيثُ والأوزاعيُّ إلى أنَّ على السَّيِّدِ في عَبيدِ التِّجارةِ، إذا كانوا مُسلِمينَ (¬٣) زَكاةَ الفِطرِ. وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ (¬٤).
وحُجَّتُهُم حديثُ نافع، عنِ ابنِ عُمر: أنَّ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فرضَ زكاةَ الفِطرِ على كلِّ حُرٍّ، وعَبدٍ. لم يخُصَّ عبدًا من عبدٍ.
وقال أبو حنيفةَ والثَّوريُّ وعُبيدُ اللَّه بن الحَسنِ العَنْبريُّ: ليسَ في عبيدِ التِّجارةِ صَدَقةُ الفِطْرِ. وهُو قولُ عَطاءٍ، وإبراهيمَ النَّخعيِّ (¬٥).
واختلفُوا أيضًا في زكاةِ الفِطرِ عنِ المكاتَبِ، فذهبَ مالكٌ، وأصحابُهُ إلى أنَّ على الرَّجُلِ أن يُخرِجَ زكاةَ الفِطرِ عن مُكاتَبهِ (¬٦).
وهُو قولُ عطاءٍ. وبه قال: أبو ثورٍ (¬٧).
وحُجَّتُهُم في ذلك، ما ذَهَبُوا إليه، وقامَ دليلُهُم عليه، من أنَّ المكاتَبَ عبدٌ ما بَقِي عليه دِرهمٌ (¬٨).
---------------
(¬١) انظر: المدونة ١/ ٣٨٦.
(¬٢) انظر: الأم ٢/ ٦٧ - ٧٠.
(¬٣) قوله: "إذا كانوا مسلمين" لم يرد في ي ١.
(¬٤) انظر: اختلاف الفقهاء للمروزي، ص ٤٤١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٧٤. وانظر فيهما ما بعده.
(¬٥) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٠٢٨٤)، والأموال لابن زنجوية (٢٤٣٠، ٢٤٣١).
(¬٦) انظر: المدونة ١/ ٣٨٥. وانظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٢٦٣، والأم للشافعي ٢/ ٦٩، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد اللَّه، ص ١٦٨ (٦٣٤)، والإشراف لابن المنذر ٣/ ٦٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٧٠. وانظر فيها ما بعده.
(¬٧) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٠٤٩٠).
(¬٨) انظر: الموطأ ٢/ ٣٤٣ (٢٢٨٣).

الصفحة 503