كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وقال النَّضرُ بن شُمَيلٍ: الأبترُ منَ الحيّاتِ، صِنفٌ أزرقُ، مَقْطُوعُ الذَّنبِ، لا تنظُرُ إليه حامِلٌ إلّا ألقَتْ ما في بَطْنِها، والله أعلمُ.
قال أبو عُمر: اختلَفَ العُلماءُ في قتلِ الحيّاتِ جُملةً، فقال منهُم قائلُونَ: تُقتلُ الحيّاتُ كلُّها، في البُيُوتِ، والصَّحارِي، بالمدِينةِ (¬١) وغيرِ المدِينةِ، لم يَسْتثنُوا منها نَوعًا ولا جِنسًا، ولا اسْتَثنوا في قَتْلِهِنَّ مَوْضِعًا، وسَنذكُرُ اختِلافهُم في إذنِها بالمدِينةِ وغيرِها، في بابِ صيفِيٍّ، إن شاءَ الله.
ومن حُجَّتِهِم: حديثُ عبدِ الله بن مسعُودٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُ قال: "مَنْ قتَلَ حيّةً، فكأنَّما قتَلَ كافِرًا" (¬٢). ولم يخُصَّ حيّةً من حيّةٍ.
وحديثُ ابنِ مسعُودٍ، وأبي (¬٣) هريرةَ عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "من تركَ الجِنّانَ، فلم يقتُلهُنَّ مَخافةَ ثأرِهِنَّ، فليسَ منّا".
ومن حُجَّتِهِم، أيضًا، ما مَضَى منَ الأحادِيثِ، فيما سلَفَ من هذا الكتاب في قَتْلِ الحيّةِ، في الحِلِّ والحَرَم.
حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا محمدُ بن قُدامةَ، قال: حدَّثنا جَرِيرٌ، عن منصُورٍ، عن حبِيبِ بن أبي ثابتٍ، عن زِرِّ (¬٤) بن حُبَيْشٍ، عن عبدِ الله، قال: "من قتَلَ حيّةً أو عَقْربًا، قتَلَ كافِرًا" (¬٥).
---------------
(¬١) في م: "في المدينة".
(¬٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه، وكذا ما بعده.
(¬٣) في م: "عن" بدل: "وأبي"، وهو تحريف ظاهر.
(¬٤) في م: "زيد"، خطأ. وهو زر بن حبيش، أبو مريم، الأسدي، الكوفي. انظر: تهذيب الكمال ٩/ ٣٣٥.
(¬٥) أخرجه البزار في مسنده ٥/ ٢٣٤ (١٨٤٧) من طريق منصور، به.

الصفحة 60