كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "أسْرِعُوا بالجِنارةِ، فإن تَكُن صالحةً، فخَيرٌ تُقدِّمُونها إليه، وإن تكُن غيرَ ذلك، فشَرٌّ تَضَعُونهُ عن رِقابِكُم".
قال أبو عُمر: تأوَّل قومٌ في هذا الحديثِ تَعجِيلَ الدَّفْنِ، لا المشيِ، وليسَ كما ظنُّوا، وفي قولِهِ: "شرٌّ تَضَعُونهُ عن رِقابِكُم" ما يَرُدُّ قولهُم، مع أنَّهُ قد رُوِيَ عن أبي هريرةَ، وهُو راوِيةُ (¬١) الحديثِ، ما يُغْني عن قَولِ كلِّ قائل.
رَوَى شُعبةُ، عن عُيينةُ (¬٢) بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيه، عن أبي بَكْرةَ، أَنَّهُ أسرَعَ المَشْيَ في جِنازةِ عُثمانَ بن أبي العاصِ، وأمَرَهُم بذلك، وقال: لقد رأيتُنا معَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- نرمُلُ رَمَلًا (¬٣).
وروى أبو ماجِدٍ (¬٤)، عنِ ابنِ مَسْعُودٍ، قال: سألْنا نبِيَّنا -صلى الله عليه وسلم- عن المَشْيِ معَ الجِنازةِ، فقال: "دُونَ الخَبَبِ، إن يكُن خيرًا يُعجَّل إليه، وإن يكُن غيرَ ذلك، فبُعدًا لأهلِ النّارِ". وذكر الحديثَ (¬٥).
وحديثُ أبي هريرةَ أثبتُ من جِهةِ الإسنادِ، ومعناهُما مُتقارِبٌ.
---------------
(¬١) في م: "رواية".
(¬٢) في د ٤: "عتيبة"، مصحف، وفي الأصل، ف ٣، م: "وعيينة" بدل: "عن عيينة"، وهو خطأ.
(¬٣) أخرجه أبو داود (٣١٨٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٧٧، والحاكم في المستدرك ٣/ ٤٤٦، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٢ من طريق شعبة، به. وأخرجه الطيالسي (٩٢٤)، وأحمد في مسنده ٣٤/ ١٠، ٢٩ (٢٠٣٧٥، ٢٠٣٨٨)، والبزار في مسنده ٩/ ١٢٩، ١٣٨ (٣٦٨٠، ٣٦٩٥)، والنسائي في المجتبى ٤/ ٤٢ - ٤٣، وفي الكبرى ٢/ ٤١٦ - ٤١٧ (٢٠٥٠، ٢٠٥١)، وابن حبان ٧/ ٣١٧ - ٣١٦ (٣٠٤٣، ٣٠٤٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٥٥، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٢، من طريق عيينة، به. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٥٦٣ - ٥٦٤ (١١٩٣٧).
(¬٤) في د ٤، ف ٣: "أبو ماجدة". وكلاهما يقال في اسمه. انظر: تهذيب التهذيب ٤/ ٥٧٩.
(¬٥) سلف تخريجه في الحديث التاسع من مراسيل ابن شهاب، وهو في الموطأ ١/ ٣٠٩ (٦٠٠).

الصفحة 71