كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 10)

وفِعلُ أبي هريرةَ، مع ما رَوَى عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في هذا البابِ، أوْلَى ما قيلَ به في ذلك، واللهُ المُوفِّقُ للصَّوابِ.
قال (¬١) الشّافعيُّ: فِعلُ أبي هريرةَ بينَ ظَهْرانيِ المُهاجِرِين والأنصارِ أوْلَى؛ لأنَّهُ لو خالَفَ ما عَرفُوهُ ووَرِثُوهُ، أنكرُوهُ عليه وعلَّمُوهُ، وليسَ ذلك كفِعلِ رَجُلٍ في بَلَدٍ كلُّهُم يَتَعلَّمُ منهُ.
قال: والتَّكبِيرُ في كِلْتا الرَّكعتينِ قبلَ القِراءةِ، أشبَهُ بسُننِ الصَّلاةِ (¬٢).
قال: وكما لم يُدخِلُوا تكبِيرةَ القِيام في تكبِيرةِ العِيدِ، فكذلك تكبِيرةُ الإحرام، بل هي أولى بذلك؛ لأنَّها لا يُدخَلُ في الصَّلاةِ إلّا بها، وتكبِيرةُ القِيام لو تَرَكها، لم تفسُدْ صلاتهُ (¬٣).
وقال المُزنِيُّ: إجماعُهُم على أنَّ تكبِيرَ العِيدِ في الأُولى قبلَ القِراءةِ، يَقْضِي بأنَّ الرَّكعةَ في الآخِرةِ كذلك؛ لأنَّ حُكْمَ الرَّكعتينِ في القِياسِ سَواءٌ.
حدَّثنا سعِيدٌ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن رَوْح المدائنِيُّ، قال: حدَّثنا شَبابةُ بن سوّارٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن عُمارةَ، عن سَعْدِ بن إبراهيم، عن حُميدِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيه، قال: كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- تُخرَجُ لهُ الحَرْبةُ، فيُصلِّي إليها، فيُكبِّرُ ثِنْتَي عَشْرةَ تكبِيرةً، ثُمَّ كان أبو بكرٍ وعُمرُ وعُثمانُ والأئمّةُ يفعلُونَ ذلك (¬٤).
---------------
(¬١) من هنا إلى آخر الباب لم يرد في د ٤.
(¬٢) انظر: الأم ١/ ٢٣٦.
(¬٣) نفس المصدر السابق.
(¬٤) أخرجه البزار في مسنده ٣/ ٢٣٤ (١٥٢٣)، والشاشي (٢٥١) من طريق شبابة بن سوار، به. وانظر: علل الدارقطني ٤/ ٢٨٥ (٥٦٧). وإسناده ضعيف إذ لا يصح موصولًا، وصوابه: مرسلًا، كما قال الدارقطني.

الصفحة 77