كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

أَنَسٍ قَوْلُهُ لَا تُغَيِّرَنَّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّوْكِيدِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ لَا تُغَيِّرْ بِصِيغَةِ النَّهْيِ بِغَيْرِ تَأْكِيدٍ وَكَلَام أبي طَلْحَة هَذَا إِن كَانَ بن سِيرِينَ سَمِعَهُ مِنْ أَنَسٍ وَإِلَّا فَيَكُونُ أَرْسَلَهُ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْقَهُ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ اتِّخَاذِ ضَبَّةَ الْفِضَّةِ وَكَذَلِكَ السِّلْسِلَةِ وَالْحَلْقَةِ وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَنَعَهُ مُطْلَقًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَعَنْ مَالِكٍ يَجُوزُ مِنَ الْفِضَّةِ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِئَلَّا يَكُونَ شَارِبًا عَلَى فِضَّةٍ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَخْتَصُّ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْفِضَّةُ فِي مَوْضِعِ الشُّرْبِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ تَبَعًا لِأَبِي عُبَيْدٍ الْمُفَضَّضُ لَيْسَ هُوَ إِنَاءُ فِضَّةٍ وَالَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الضَّبَّةَ إِنْ كَانَتْ مِنَ الْفِضَّةِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ لِلزِّينَةِ تَحْرُمُ أَوْ لِلْحَاجَةِ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا وَتَحْرُمُ ضَبَّةُ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَ ضَبَّتَيِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيه عَن بن عُمَرَ بِنَحْوِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَزَادَ فِيهِ أَوْ فِي إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ بِجَهَالَةِ حَالِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَوَلَدِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الصَّوَابُ مَا رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ مَوْقُوفًا أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ فِيهِ ضَبَّةُ فِضَّةٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن لُبْسِ الذَّهَبِ وَتَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ ثُمَّ رَخَّصَ فِي تَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ حُجَّةً فِي الْجَوَازِ لَكِنْ فِي سَنَدِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِنَاءِ مِنَ النُّحَاسِ أَوِ الْحَدِيدِ الْمَطْلِيِّ بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا وَفِي الْعَكْسِ وَجْهَانِ كَذَلِكَ وَلَوْ غُلِّفَ إِنَاءُ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ بِالنُّحَاسِ مَثَلًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَكَذَلِكَ وَجَزَمَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ الَّتِي مِنَ الْقُطْنِ مَثَلًا بِالْحَرِيرِ وَاسْتُدِلَّ بِجَوَازِ اتِّخَاذِ السَّلْسَلَةِ وَالْحَلْقَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ لِلْإِنَاءِ رَأْسٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كَالتَّضْبِيبِ وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ وَاخْتَلَفُوا فِي ضَابِطِ الصِّغَرِ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ الْعُرْفُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ مَا يَلْمَعُ عَلَى بُعْدٍ كَبِيرٍ وَمَا لَا فَصَغِيرٌ وَقِيلَ مَا اسْتَوْعَبَ جُزْءًا مِنَ الْإِنَاءِ كَأَسْفَلِهِ أَوْ عروته أَو شفته كَبِير وَمَا لَا فَلَا وَمَتَى شَكَّ فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَالله أعلم

الصفحة 101