كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

[5643] وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ الْفَاجِرُ وَفِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ الْكفَّار قَوْلُهُ كَالْأَرْزَةِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلِهِ وَهِيَ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرْضِ وَرَدَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِأَنَّ الرُّوَاةَ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ الْمَدِّ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي سُكُونِ الرَّاءِ وَتَحْرِيكِهَا وَالْأَكْثَرُ عَلَى السُّكُونِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ الرَّاءُ سَاكِنَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ نَبَاتِ أَرْضِ الْعَرَبِ وَلَا يَنْبُتُ فِي السِّبَاخِ بَلْ يُطَوِّلُ طُولًا شَدِيدًا وَيَغْلُظُ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْخَبِيرُ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّنَوْبَرَ وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ أَعْجَازِهِ وَعُرُوقِهِ الزِّفْتُ وَقَالَ بن سِيدَهْ الْأَرْزُ الْعَرْعَرُ وَقِيلَ شَجَرٌ بِالشَّامِ يُقَالُ لِثَمَرِهِ الصَّنَوْبَرُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأَرَزَةُ مَفْتُوحَةُ الرَّاءِ وَاحِدَةُ الْأَرْزِ وَهُوَ شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ فِيمَا يُقَالُ وَقَالَ الْقَزَّازُ قَالَهُ قَوْمٌ بِالتَّحْرِيكِ وَقَالُوا هُوَ شَجَرٌ مُعْتَدِلٌ صَلْبٌ لَا يُحَرِّكُهُ هُبُوبُ الرِّيحِ وَيُقَالُ لَهُ الْأَرْزَنُ قَوْلُهُ انْجِعَافُهَا بِجِيمٍ وَمُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ أَيِ انْقِلَاعِهَا تَقُولُ جَعَفْتُهُ فَانْجَعَفَ مثل قلعته فانقلع وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ انْكِسَارُهَا مِنْ وَسَطِهَا أَوْ أَسْفَلِهَا قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الْمُؤمن حَيْثُ جَاءَهُ أَمر الله أَن طاع لَهُ فَإِنْ وَقَعَ لَهُ خَيْرٌ فَرِحَ بِهِ وَشَكَرَ وَإِنْ وَقَعَ لَهُ مَكْرُوهٌ صَبَرَ وَرَجَا فِيهِ الْخَيْرَ وَالْأَجْرَ فَإِذَا انْدَفَعَ عَنْهُ اعْتَدِلْ شاكرا وَالْكَافِر لَا يتفقده اللَّهَ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ التَّيْسِيرُ فِي الدُّنْيَا لِيَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْحَالُ فِي الْمَعَادِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ إِهْلَاكَهُ قَصَمَهُ فَيَكُونُ مَوْتُهُ أَشَدَّ عَذَابًا عَلَيْهِ وَأَكْثَرَ أَلَمًا فِي خُرُوجِ نَفْسِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَلَقَّى الْأَعْرَاضَ الْوَاقِعَةَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا فَهُوَ كَأَوَائِلِ الزَّرْعِ شَدِيدُ الْمَيَلَانِ لِضَعْفِ سَاقِهِ وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الْغَالِبِ مِنْ حَال الْإِثْنَيْنِ قَوْله وَقَالَ زَكَرِيَّا هُوَ بن أَبِي زَائِدَةَ وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَنْهُ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ كِلَاهُمَا عَنْهُ قَوْلُهُ حَدَّثَنِي سَعْدٌ هُوَ بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور من قبل قَوْله حَدثنِي بن كَعْبٍ يُرِيدُ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِرِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ سعد فِي شَيْئَيْنِ أَحدهمَا إبهامه اسْم بن كَعْبٍ وَالثَّانِي تَصْرِيحُهُ بِالتَّحْدِيثِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَان تَسْمِيَتِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا التَّصْرِيحُ بِاتِّصَالِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عِنْدَ سُفْيَانَ تَسْمِيَتُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرّ فِي إبهامه فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا وَيُسْتَفَادُ مِنْ صَنِيعِ مُسْلِمٍ فِي تَخْرِيجِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ إِذَا دَارَ عَلَى ثِقَةٍ لَا يَضُرُّ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

[5644] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبِي هُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَوْلُهُ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ كَذَا فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مَوَالِيهِمْ وَاسْمُ جَدِّهِ أُسَامَةُ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَهُوَ مَدَنِيٌّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ مُوَثَّقٌ وَفِي الرُّوَاةِ هِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ سَلَمَةُ الْفِهْرِيُّ تَابِعِيٌّ مدنِي أَيْضا يروي عَن بن عمر روى عَنْهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَحْدَهُ وَوَهِمَ مَنْ خَلَطَهُ بِهِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ وَفِيهِمْ أَيْضًا هِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ مَذْحِجِيٌّ تَابِعِيٌّ أَيْضًا يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ أَبُو ظِلَالٍ بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ أَيْضًا يَأْتِي ذِكْرُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ شَيْخٌ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ أَفْرَدَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُتَّفَقِ عَنْ أَبِي ظِلَالٍ وَقَالَ إِنَّهُ مَجْهُولٌ وَلَسْتُ أَسْتَبْعِدُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْفَاءِ وَالْهَمْزِ أَيْ أمالتها وَنقل بن التِّينِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ ثُمَّ قَالَ كَأَنَّهُ سَهَّلَ الْهَمْزَ وَهُوَ كَمَا ظَنَّ وَالْمَعْنَى أَمَالَتْهَا قَوْلُهُ فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأَ بِالْبَلَاءِ قَالَ عِيَاضٌ كَذَا فِيهِ وَصَوَابُهُ فَإِذَا انْقَلَبَتْ ثُمَّ يَكُونُ قَوْلُهُ تَكَفَّأَ رُجُوعًا إِلَى وَصْفِ الْمُسْلِمِ وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْحِيدِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأَ بِالرِّيحِ كَمَا يَتَكَفَّأُ الْمُؤْمِنُ بِالْبَلَاءِ

الصفحة 107