كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(كِتَابُ الطِّبِّ)
كَذَا لَهُمْ إِلَّا النَّسَفِيَّ فَتَرْجَمَ كِتَابُ الطِّبِّ أَوَّلُ كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَلَمْ يُفْرِدْ كِتَابَ الطِّبِّ وَزَادَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَالْأَدْوِيَةِ وَالطِّبُّ بِكَسْرِ الْمُهْملَة وَحكى بن السَّيِّدِ تَثْلِيثَهَا وَالطَّبِيبُ هُوَ الْحَاذِقُ بِالطِّبِّ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا طَبَّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَمُسْتَطَبٌّ وَامْرَأَةُ طب بِالْفَتْح يُقَال استطب تعاني الطِّبّ واستطب اسْتَوْصَفَهُ وَنَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الطِّبَّ بِالْكَسْرِ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ لِلْمُدَاوِي وَلِلتَّدَاوِي وَلِلدَّاءِ أَيْضًا فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَيُقَالُ أَيْضًا لِلرِّفْقِ وَالسِّحْرِ وَيُقَالُ لِلشَّهْوَةِ وَلِطَرَائِقَ تُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ وَلِلْحِذْقِ بِالشَّيْءِ وَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَخُصَّ بِهِ الْمُعَالِجُ عُرْفًا وَالْجَمْعُ فِي الْقِلَّةِ أَطِبَّةٌ وَفِي الْكَثْرَةِ أَطِبَّاءٌ وَالطِّبُّ نَوْعَانِ طِبُّ جَسَدٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَطِبُّ قَلْبٍ وَمُعَالَجَتُهُ خَاصَّةٌ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَن ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَمَّا طِبُّ الْجَسَدِ فَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُ مَا جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ وَغَالِبُهُ رَاجِعٌ إِلَى التَّجْرِبَةِ ثُمَّ هُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ وَنَظَرٍ بَلْ فَطَرَ اللَّهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ الْحَيَوَانَاتِ مِثْلُ مَا يَدْفَعُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَنَوْعٌ يَحْتَاجُ إِلَى الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ كَدَفْعِ مَا يَحْدُثُ فِي الْبَدَنِ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ إِمَّا إِلَى حَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا إِلَى رُطُوبَةٍ أَوْ يُبُوسَةٍ أَوِ إِلَى مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا وَغَالِبُ مَا يُقَاوَمُ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا بِضِدِّهِ وَالدَّفْعُ قَدْ يَقَعُ مِنْ خَارِجِ الْبَدَنِ وَقَدْ يَقَعُ مِنْ دَاخِلِهِ وَهُوَ أَعْسَرُهُمَا وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَالْعَلَامَةِ فَالطَّبِيبُ الْحَاذِقُ هُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي تَفْرِيقِ مَا يَضُرُّ بِالْبَدَنِ جَمْعُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَفِي تَنْقِيصِ مَا يَضُرُّ بِالْبَدَنِ زِيَادَتُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَمَدَارُ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ حِفْظُ الصِّحَّةِ وَالِاحْتِمَاءُ عَنِ الْمُؤْذِي وَاسْتِفْرَاغُ الْمَادَّةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْقُرْآنِ فَالْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخر وَذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ النَّصَبِ وَهُوَ مِنْ مُغَيِّرَاتِ الصِّحَّةِ فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ الصِّيَامُ ازْدَادَ فَأُبِيحَ الْفِطْرُ إِبْقَاءً عَلَى الْجَسَدِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي وَهُوَ الْحَمِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم فَإِنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ خَوْفِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَالثَّالِثُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية فَإِنَّهُ أُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ لِاسْتِفْرَاغِ الْأَذَى الْحَاصِلِ مِنَ الْبُخَارِ الْمُحْتَقَنِ فِي الرَّأْسِ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَيُّكُمَا أَطَبُّ قَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِي الطِّبِّ خَيْرٌ قَالَ أَنْزَلَ الدَّاءَ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّوَاءَ قَوْلُهُ بَابُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً كَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وبن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَمْ أَرَ لَفْظَ بَابٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحِ إِلَّا لِلنَّسَفِيِّ

[5678] قَوْلُهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيُّ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَهُوَ

الصفحة 134