كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

أَسَدٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَدْ يَلْتَبِسُ بِمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ لِكَوْنِهِمْ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَهَذَا مِنْ فُنُونِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَصَنَّفُوا فِيهِ الْأَنْسَابَ الْمُتَّفِقَةَ فِي اللَّفْظِ الْمُفْتَرِقَةِ فِي الشَّخْصِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءٍ وَخَالَفَهُ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ وَرَوَاهُ طَلْحَةُ بن عَمْرو عَن عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ هَذِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه بن عَاصِمٍ فِي الطِّبِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَهَذَا مِمَّا يَتَرَجَّحُ بِهِ رِوَايَةُ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَوْلُهُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيّ من دَاء وَمن زَائِدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أَنْزَلَ مَحْذُوفًا فَلَا تَكُونُ مِنْ زَائِدَةً بَلْ لِبَيَانِ الْمَحْذُوفِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَدَاوَوْا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَن بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً فَتَدَاوَوْا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَنَحْوُهُ لِلطَّحَاوِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ اللَّهَ حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ تَدَاوَوْا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً إِلَّا دَاءً وَاحِدًا الْهَرَمَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَفِي لَفْظٍ إِلَّا السَّامَ بِمُهْمَلَةٍ مُخَفَّفَةٍ يَعْنِي الْمَوْتَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن بن مَسْعُود نَحْو حَدِيث الْبَاب وَزَاد فِي آخِرِهِ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهله أخرجه النَّسَائِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ وَفِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا يُعْرَفُ مِنْهُ الْمُرَادُ بِالْإِنْزَالِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ إِنْزَالُ عِلْمِ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْمَلَكِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا أَوْ عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ عَنِ التَّقْدِيرِ وَفِيهَا التَّقْيِيدُ بِالْحَلَالِ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْحَرَامِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْهَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِصَابَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّوَاءَ قَدْ يَحْصُلُ مَعَهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوِ الْكَمِّيَّةِ فَلَا يَنْجَعُ بَلْ رُبَّمَا أَحْدَثَ دَاءً آخَرَ وَفِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ لَا يَعْلَمُهَا كُلُّ أَحَدٍ وَفِيهَا كُلُّهَا إِثْبَاتُ الْأَسْبَابِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ لِمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَبِتَقْدِيرِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْجَعُ بِذَوَاتِهَا بَلْ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَأَنَّ الدَّوَاءَ قَدْ يَنْقَلِبُ دَاءً إِذَا قَدَّرَ اللَّهُ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ بِإِذْنِ اللَّهِ فَمَدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى تَقْدِيرِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَالتَّدَاوِي لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ كَمَا لَا يُنَافِيهِ دَفْعُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَذَلِكَ تَجَنُّبُ الْمُهْلِكَاتِ وَالدُّعَاءُ بِطَلَبِ الْعَافِيَةِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا الْبَحْثِ فِي بَابِ الرُّقْيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا أَيْضًا الدَّاءُ الْقَاتِلُ الَّذِي اعْتَرَفَ حُذَّاقُ الْأَطِبَّاءِ بِأَنْ لَا دَوَاءَ لَهُ وَأَقَرُّوا بِالْعَجْزِ عَنْ مُدَاوَاتِهِ وَلَعَلَّ الْإِشَارَة فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ إِلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى عُمُومِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَبَرِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُنْزِلْ دَاءٌ يَقْبَلُ الدَّوَاءَ إِلَّا أُنْزِلَ لَهُ شِفَاءٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْمَرْضَى أَنَّهُ يَتَدَاوَى مِنْ دَاءٍ بِدَوَاءٍ فَيَبْرَأُ ثُمَّ يَعْتَرِيهِ ذَلِكَ الدَّاءُ بِعَيْنِهِ فَيَتَدَاوَى بِذَلِكَ الدَّوَاءِ بِعَيْنِهِ فَلَا ينجع

الصفحة 135