كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَأَدْخَلَ بَيْنَ مَنْصُورٍ وَخَالِدِ بْنِ سَعْدٍ مُجَاهِدًا وَتَعَقَّبَهُ الْخَطِيبُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْجَنِيقِيِّ بِأَنَّ ذِكْرَ مُجَاهِدٍ فِيهِ وَهْمٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمَنْجَنِيقِيِّ أَيْضًا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِزِيَادَةِ يَاءٍ فِي اسْمِ أَبِيهِ وَهُوَ وَهْمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ أَيْضًا قَوْلُهُ وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ وَزْنُ أَحْمَدَ يُقَالُ إِنَّهُ الصَّحَابِيُّ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أبي دَاوُد قَوْله فعاده بن أَبِي عَتِيقٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ فَعَادَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ وَكَذَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب عبد الله بن أبي مُوسَى إِلَّا الْمَنْجَنِيقِيَّ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ عَائِشَةَ وَاخْتَصَرَ الْقِصَّةَ وَبِسِيَاقِهَا يَتَبَيَّنُ الصَّوَابُ قَالَ الْخَطِيبُ وَقَوْلُهُ فِي السَّنَدِ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ وَهْمٌ فَلَيْسَ لِغَالِبٍ فِيهِ رِوَايَةٌ وَإِنَّمَا سَمِعَهُ خَالِدٌ مَعَ غَالِبٍ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ هَذَا هُوَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبُو عَتِيقٍ كُنْيَةُ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ لِكَوْنِهِ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَجَدُّ أَبِيهِ صَحَابَةٌ مَشْهُورُونَ قَوْلُهُ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السُّوَيْدَاءِ كَذَا هُنَا بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيَّ فَقَالَ السَّوْدَاءُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ شِفَاءً كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْيَنِ هَذِهِ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمِلْحِ وَكَانَ هَذَا قَدْ أَشْكَلَ عَلِيَّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُرِيدُ الْكَمُّونَ وَكَانَتْ عَادَتُهُمْ جَرَتِ أَنْ يُخْلَطَ بِالْمِلْحِ قَوْلُهُ إِلَّا مِنَ السَّامِ بِالْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَلِابْنِ مَاجَهْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ وَفِي هَذَا أَنَّ الْمَوْتَ دَاءٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْوَاءِ قَالَ الشَّاعِرُ وَدَاءُ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ إِطْلَاقِ الدَّاءِ عَلَى الْمَوْتِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ قُلْتُ وَمَا السَّامُ قَالَ الْمَوْتُ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَ السَّائِلِ وَلَا الْقَائِلِ وَأَظُنُّ السَّائِلَ خَالِدَ بْنَ سَعْدٍ والمجيب بن أبي عَتيق وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ بن أَبِي عَتِيقٍ ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ فِي عِلَاجِ الزُّكَامِ الْعَارِض مَعَه عُطَاسٌ كَثِيرٌ وَقَالُوا تُقْلَى الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ ثُمَّ تُدَقُّ نَاعِمًا ثُمَّ تُنْقَعُ فِي زَيْتٍ ثُمَّ يُقَطَّرُ مِنْهُ فِي الْأَنْفِ ثَلَاثَ قَطَرَاتٍ فَلَعَلَّ غَالِبَ بْنَ أَبْجَرَ كَانَ مَزْكُومًا فَلِذَلِكَ وَصَفَ لَهُ بن أَبِي عَتِيقٍ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ مَرْفُوعَةً أَيْضًا فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْيَنِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَأَقْطِرُوا عَلَيْهَا شَيْئًا مِنَ الزَّيْتِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أُخْرَى وَرُبَّمَا قَالَ وَأَقْطِرُوا إِلَخْ وَادَّعَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ وَقَدْ أوضحت ذَلِك رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ ثُمَّ وَجَدْتُهَا مَرْفُوعَةً مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فَأَخْرَجَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي كِتَابِ الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ حُسَامِ بْنِ مِصَكٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ فِيهَا شِفَاءٌ الْحَدِيثَ قَالَ وَفِي لَفْظٍ قِيلَ وَمَا الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ قَالَ الشُّونِيزُ قَالَ وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا قَالَ تَأْخُذُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَبَّةً فَتَصُرُّهَا فِي خِرْقَةٍ ثُمَّ تَضَعُهَا فِي مَاءٍ لَيْلَةً فَإِذَا أَصْبَحْتَ قَطَرْتَ فِي الْمَنْخَرِ الْأَيْمَنِ وَاحِدَةً وَفِي الْأَيْسَرِ اثْنَتَيْنِ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَطَرْتَ فِي الْمَنْخَرِ الْأَيْمَنِ اثْنَتَيْنِ وَفِي الْأَيْسَرِ وَاحِدَةً فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَطَرْتَ فِي الْأَيْمَنِ وَاحِدَةً وَفِي الْأَيْسَرِ اثْنَتَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْحَبَّةِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ دَاءٍ صِرْفًا بَلْ رُبَّمَا اسْتُعْمِلَتْ مُفْرَدَةً وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَتْ مُرَكَّبَةً وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَتْ مَسْحُوقَةً وَغَيْرَ مَسْحُوقَةٍ وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَتْ أَكْلًا وَشُرْبًا وَسَعُوطًا وَضِمَادًا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ كُلِّ دَاءٍ تَقْدِيرُهُ يَقْبَلُ الْعِلَاجَ بِهَا فَإِنَّهَا تَنْفَعُ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْبَارِدَةِ وَأَمَّا الْحَارَّةُ فَلَا نَعَمْ قَدْ تَدْخُلُ فِي بَعْضِ الْأَمْرَاضِ الْحَارَّةِ الْيَابِسَةِ بِالْعَرْضِ فَتُوَصِّلُ قُوَى الْأَدْوِيَةِ الرَّطْبَةِ الْبَارِدَةِ إِلَيْهَا بِسُرْعَةِ تَنْفِيذِهَا وَيُسْتَعْمَلُ

الصفحة 144