كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

بِوَزْنِ عَلِمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي فِي آخِرِهِ فَسَقَاهُ فَعَافَاهُ اللَّهُ وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ لَا صَفَرَ)
وَهُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ كَذَا جَزَمَ بِتَفْسِيرِ الصَّفَرِ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ الْجَرْمِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ رُؤْبَةَ بْنَ الْعَجَّاجِ فَقَالَ هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ وَهِيَ أَعْدَى مِنَ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الصَّفَرِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِيهِ مِنَ الْعَدْوَى وَرَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْقَوْلُ لِكَوْنِهِ قُرِنَ فِي الْحَدِيثِ بِالْعَدْوَى وَكَذَا رَجَّحَ الطَّبَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بقول الْأَعْشَى ولَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِهِ الصَّفَرُ وَالشُّرْسُوفُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ الضِّلْعُ وَالصَّفَرُ دُودٌ يَكُونُ فِي الْجَوْفِ فَرُبَّمَا عَضَّ الضِّلْعَ أَوِ الْكَبِدَ فَقَتَلَ صَاحِبَهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالصَّفَرِ الْحَيَّةُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ قَتَلَهُ فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا فَرَغَ الْأَجَلُ وَقَدْ جَاءَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ حَدِيثِ لَا صَفَرَ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَهْرُ صَفَرٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب كَانَت تحرم صفر وتستحل الْمحرم كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِرَدِّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَفَرَ قَالَ بن بَطَّالٍ وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَالصَّفَرُ أَيْضًا وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ يَأْخُذُ مِنَ الْجُوعِ وَمِنَ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الِاسْتِسْقَاءُ وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ صَفَرَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حُمُرِ النِّعَمِ أَيْ جَوْعَةٌ وَيَقُولُونَ صَفَرَ الْإِنَاءُ إِذَا خَلَا عَنِ الطَّعَامِ وَمِنَ الثَّانِي مَا سَبَقَ فِي الْأَشْرِبَةِ فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ الصَّفَرُ فَنُعِتَ لَهُ السَّكَرُ أَيْ حَصَلَ لَهُ الِاسْتِسْقَاءُ فَوُصِفَ لَهُ النَّبِيذُ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا لَا يَتَّجِهُ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْهَامَّةِ وَالْعَدْوَى كُلٌّ مِنْهُمَا فِي بَابٍ مُفْرَدٍ

[5717] قَوْلُهُ عَنْ صَالح هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَوْلُهُ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ يَعْنِي كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ لَا عَدْوَى مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا وَفِيهِ تَفْصِيلُ لَفْظِ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ لَفْظِ سِنَانٍ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 171