كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

(قَوْلُهُ بَابُ حَرْقِ الْحَصِيرِ)
كَذَا لَهُمْ وَأَنْكَرَهُ بن التِّينِ فَقَالَ وَالصَّوَابُ إِحْرَاقُ الْحَصِيرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْرَقَ أَوْ تَحْرِيقُ مِنْ حَرَّقَ قَالَ فَأَمَّا الْحَرْقُ فَهُوَ حَرْقُ الشَّيْءِ يُؤْذِيهِ قُلْتُ لَكِنْ لَهُ تَوْجِيهٌ وَقَوْلُهُ

[5722] لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَجَارِي الدَّمِ أَوْ ضَمَّنَ سَدَّ مَعْنَى قَطَعَ وَهُوَ الْوَجْهُ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يفعل للضروة الْمُبِيحَةِ وَقَدْ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ يَقُولُ وَدِدْنَا لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ الْحَصِيرَ مِمَّا كَانَ لنتخذه دَوَاء لقطع الدَّم قَالَ بن بَطَّالٍ قَدْ زَعَمَ أَهْلُ الطِّبِّ أَنَّ الْحَصِيرَ كُلَّهَا إِذَا أُحْرِقَتْ تُبْطِلُ زِيَادَةَ الدَّمِ بَلِ الرَّمَادُ كُلُّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّمَادَ مِنْ شَأْنِهِ الْقَبْضُ وَلِهَذَا تَرْجَمَ التِّرْمِذِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ التَّدَاوِي بِالرَّمَادِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ قَطْعَ الدَّمِ بِالرَّمَادِ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْحَصِيرُ مِنْ دِيسِ السُّعْدِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ بِالْقَبْضِ وَطيب الرَّائِحَة فالقبض يسد أَفْوَاه الجرج وَطِيبُ الرَّائِحَةِ يَذْهَبُ بِزَهَمِ الدَّمِ وَأَمَّا غَسْلُ الدَّمِ أَوَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِذَا كَانَ الْجُرْحُ غَيْرَ غَائِرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ غَائِرًا فَلَا يُؤْمَنُ مَعَهُ ضَرَرُ الْمَاءِ إِذَا صُبَّ فِيهِ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ الرَّمَادُ فِيهِ تَجْفِيفٌ وَقِلَّةُ لَذْعٍ وَالْمُجَفَّفُ إِذَا كَانَ فِيهِ قُوَّةُ لَذْعٍ رُبَّمَا هَيَّجَ الدَّمَ وَجَلَبَ الْوَرَمَ وَوَقع عِنْد بن مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَحْرَقَتْ لَهُ حِينَ لَمْ يَرْقَأْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ خَلِقٍ فَوَضَعَتْ رَمَادَهُ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي غَسْلِ فَاطِمَةَ وَجْهَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدَّمِ لَمَّا جُرِحَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَرَقَأَ بِقَافٍ وَهَمْزَةٍ أَيْ بَطَلَ خُرُوجه وَفِي رِوَايَة فَاسْتَمْسك الدَّم

(قَوْلُهُ بَابُ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ)
بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ رَافِعٍ آخِرَ

الصفحة 174