كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لَكِنِ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سِيرِينَ وَمُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَتَذَاكَرَانِ السَّاعَةَ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ نَقَلَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَرَادَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سِيرِينَ مَاتَ بَعْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَيَكُونُ حَدِيثُ حَفْصَةَ خَطَأً انْتَهَى وَتَخْرِيجُهُ لِحَدِيثِ حَفْصَةَ فِي الصَّحِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ خَطَأٌ وَقَدْ قَالَ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ حَفْصَةَ خَطَأٌ فَإِذَا جُوِّزَ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَفْصَةَ جَازَ تَجْوِيزُهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ يَحْيَى بْنُ سِيرِينَ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَيْ يَقَعُ بِهِ هَكَذَا جَاءَ مُطْلَقًا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَسَيَأْتِي مُقَيَّدًا بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِهِ عَقِبَهُ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مُقْتَصِرًا عَلَى هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الْجِهَادِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ مُطَوَّلًا بِلَفْظِ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَطْعُونِ مَنْ طَعَنَهُ الْجِنُّ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره فِي أول الْبَاب
(

قَوْله بَاب أجر الصابر علىالطاعون)
أَيْ سَوَاءً وَقَعَ بِهِ أَوْ وَقَعَ فِي بَلَدٍ هُوَ مُقِيمٌ بِهَا

[5734] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ بن رَاهَوَيْهِ وَحَبَّانُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ هُوَ بن هِلَالٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ رَاءٌ قَوْلُهُ أَنَّهَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الطَّاعُونِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ قَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَى مَنْ شَاءَ أَيْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ عَاصٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ آلِ فِرْعَوْنَ وَفِي قِصَّةِ أَصْحَابِ مُوسَى مَعَ بَلْعَامَ قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي عَسِيبٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لَهُمْ وَرِجْسٌ عَلَى الْكَافِرِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ كَوْنَ الطَّاعُونِ رَحْمَةً إِنَّمَا هُوَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِذَا وَقَعَ بِالْكَفَّارِ فَإِنَّمَا هُوَ عَذَابٌ عَلَيْهِمْ يُعَجَّلُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْعَاصِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهَلْ يَكُونُ الطَّاعُونُ لَهُ شَهَادَةً أَوْ يَخْتَصُّ بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُرَادُ بِالْعَاصِي مَنْ يَكُونُ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ وَيَهْجُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُصِرٌّ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا يُكَرَّمُ بِدَرَجَةِ الشَّهَادَةِ لِشُؤْمِ مَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَأَيْضًا فقد وَقع فِي حَدِيث بن عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّاعُونَ يَنْشَأُ عَن ظُهُور الْفَاحِشَة أخرجه بن

الصفحة 192