كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْكِ الثَّانِي مَا كَانَ بِكَلَامِ اللَّهِ أَوْ بِأَسْمَائِهِ فَيَجُوزُ فَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا فَيُسْتَحَبُّ الثَّالِثُ مَا كَانَ بِأَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ مَلَكٍ أَوْ صَالِحٍ أَوْ مُعَظَّمٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَالْعَرْشِ قَالَ فَهَذَا فَلَيْسَ مِنَ الْوَاجِبِ اجْتِنَابُهُ وَلَا مِنَ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّبَرُّكَ بِأَسْمَائِهِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ تَعْظِيمَ الْمُرْقَى بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ وَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ للربيع سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنِ الرُّقْيَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُرْقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ قُلْتُ أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمُ إِذَا رَقَوْا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ اه وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ ترقى عَائِشَة ارقيها بِكِتَاب الله وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ الرُّقْيَةِ بِالْحَدِيدَةِ وَالْمِلْحِ وَعَقْدِ الْخَيْطِ وَالَّذِي يَكْتُبُ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتُلِفَ فِي اسْتِرْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَجَازَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ لِئَلَّا يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يَبْعُدُ أَنْ يَقُولُوهُ وَهُوَ كَالطِّبِّ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُ الْحَاذِقِ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ وَالْحَاذِقُ يَأْنَفُ أَنْ يُبَدِّلَ حِرْصًا عَلَى اسْتِمْرَارِ وَصْفِهِ بِالْحِذْقِ لِتَرْوِيجِ صِنَاعَتِهِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال وَسُئِلَ بن عَبْدِ السَّلَامِ عَنِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَمَنَعَ مِنْهَا مَا لَا يُعْرَفُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهَا كُفْرٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَنْ مَنَعَ الرُّقَى أَصْلًا فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرْقِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[5735] قَوْلُهُ هِشَامٌ هُوَ بن يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ قَوْلُهُ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ فِي التَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ وَفِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقَى بِالْمُعَوِّذَاتِ أَنْ يُشْرَعَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُعَوِّذَاتِ سِرٌّ لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ مَا عَدَا الْمُعَوِّذَاتِ لَكِنْ ثَبَتَتِ الرُّقْيَةُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا اخْتِصَاصَ لِلْمُعَوِّذَاتِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْقِيبِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ بِبَابِ الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الْفَاتِحَةِ مِنْ مَعْنَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ الِاسْتِعَانَة بِهِ فمهما كَانَ فِيهِ استعاذة أَوِ اسْتِعَانَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا يُعْطِي مَعْنَى ذَلِكَ فَالِاسْتِرْقَاءُ بِهِ مَشْرُوعٌ وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ يُتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِهِ وَالْمُرَادُ مَا كَانَ فِيهِ الْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْمُعَوِّذَاتُ وَقد ثبتَتْ الِاسْتِعَاذَةُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ كَمَا مضى قَالَ بن بَطَّالٍ فِي الْمُعَوِّذَاتِ جَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ نَعَمْ أَكْثَرُ الْمَكْرُوهَاتِ مِنَ السِّحْرِ وَالْحَسَدِ وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَوَسْوَسَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَفِي بِهَا قُلْتُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ السِّحْرِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَقَوْلُهُ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَشَارَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخْ قَوْلُهُ أَنْفُثْ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَابٌ مُفْرَدٌ فِي النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ قَوْلُهُ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ نَفْسَهُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَيِ امْسَحُ جَسَدَهُ بِيَدِهِ وَبِالْكَسْرِ عَلَى الْبَدَلِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدِ نَفْسِهِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِي قَالَ عِيَاضٌ فَائِدَةُ النَّفْثِ التَّبَرُّكُ بِتِلْكَ الرُّطُوبَةِ أَوِ الْهَوَاءِ الَّذِي مَاسَّهُ الذِّكْرُ كَمَا يُتَبَرَّكُ بِغُسَالَةِ مَا يُكْتَبُ مِنَ الذِّكْرِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْأَلَمِ عَنِ الْمَرِيضِ كَانْفِصَالِ ذَلِكَ عَنِ الرَّاقِي انْتَهَى وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ مُعَارَضَةً لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ كَانَ يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ وَفِي اشْتِدَادِهِ كَانَ يَأْمُرُهَا بِهِ وَتَفْعَلُهُ هِيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا قَوْلُهُ فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ الْقَائِلُ

الصفحة 197