كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

اللَّيْث عَن بن شِهَابٍ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ وَبَنُو لِحْيَانَ حَيٌّ مِنْ هُذَيْلٍ وَجَاءَ تَسْمِيَةُ الضَّرَّتَيْنِ فِيمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمِ بْنِ عُوَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَتْ أُخْتِي مُلَيْكَةُ وَامْرَأَةٌ مِنَّا يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ تَحْتَ حَمَلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَضَرَبَتْ أُمُّ عَفِيفٍ مُلَيْكَةَ بِمِسْطَحٍ الْحَدِيثَ لَكِنْ قَالَ فِيهِ فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ مَسْرُوحٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ حَمَلٌ وَأَخِيهَا وَهُوَ الْعَلَاءُ قَالَ ذَلِكَ تَوَارُدًا مَعًا عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمَا أَنَّ الَّذِي يُودَى هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ حَيًّا وَأَمَّا السِّقْطُ فَلَا يُودَى فَأَبْطَلَ الشَّرْعُ ذَلِكَ وَجَعَلَ فِيهِ غُرَّةً وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ لِلطَبَرَانِيِّ أَيْضًا أَنَّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ عُوَيْمٍ فَلَعَلَّهَا قِصَّةٌ أُخْرَى وَأُمُّ عَفِيفٍ بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءَيْنِ وَزْنُ عَظِيمٍ وَوَقَعَ فِي الْمُبْهَمَاتِ لِلْخَطِيبِ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا أُمُّ غُطَيْفٍ بِغَيْنٍ ثُمَّ طَاءٍ مُهْملَة مصغر فَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ كَيْفَ أَغْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمُنَاسَبَةِ السَّجْعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ مَا لَا بَدَلَ مَنْ لَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُوَطَّأِ وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ بْنُ جِنِّيٍّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا أَكَلَ أَيْ لَمْ يَأْكُلْ أَقَامَ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ مَقَامَ الْمُضَارِعِ

[5759] قَوْلُهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ يُهْدَرُ يُقَالُ دَمُ فُلَانٍ هَدَرَ إِذَا تَرَكَ الطَّلَبَ بِثَأْرِهِ وَطُلَّ الدَّمُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا وَحُكِيَ أَطَلَّ وَلَمْ يعرفهُ الْأَصْمَعِي وَوَقع للكشميهني فِي رِوَايَة بن مُسَافِرٍ بَطَلَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ الْبُطْلَانِ كَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَزَعَمَ عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا لِلْجَمِيعِ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ وَبِالْوَجْهَيْنِ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رجح الْخطابِيّ أَنه من الْبطلَان وَأنْكرهُ بن بَطَّالٍ فَقَالَ كَذَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا هُوَ طَلُّ الدَّمِ إِذَا هُدِرَ قُلْتُ وَلَيْسَ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى بَعْدَ ثُبُوتِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ مُوَجَّهٌ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ أَيْ لِمُشَابَهَةِ كَلَامِهِ كَلَامَهُمْ زَادَ مُسْلِمٌ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي وَقَدْ وَرَدَ مُسْتَنَدُ ذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عُصْبَةِ الْقَاتِلَةِ يَغْرَمُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْجَعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ وَالسَّجْعُ هُوَ تَنَاسُبُ آخِرِ الْكَلِمَاتِ لَفْظًا وَأَصْلُهُ الِاسْتِوَاءُ وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْكَلَامُ الْمُقَفَّى وَالْجَمْعُ أَسْجَاعٌ وأساجيع قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ ذَمُّ الْكُفَّارِ وَذَمُّ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فِي أَلْفَاظِهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَاقِبْهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَأْمُورًا بِالصَّفْحِ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ كَرِهَ السَّجْعَ فِي الْكَلَامِ وَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ بَلِ الْمَكْرُوهُ مِنْهُ مَا يَقَعُ مَعَ التَّكَلُّفِ فِي مَعْرِضِ مُدَافَعَةِ الْحَقِّ وَأَمَّا مَا يَقَعُ عَفْوًا بِلَا تَكَلُّفٍ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ فَجَائِزٌ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِنْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَإِبْطَالِ الْحَقِّ كَانَ مَذْمُومًا وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا كَانَ أَخَفَّ فِي الذَّمِّ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ تَقْسِيمُهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ فَالْمَحْمُودُ مَا جَاءَ عَفْوًا فِي حَقٍّ وَدُونَهُ مَا يَقَعُ مُتَكَلَّفًا فِي حَقٍّ أَيْضًا وَالْمَذْمُومُ عَكْسُهُمَا وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا رَفْعُ الْجِنَايَةِ لِلْحَاكِمِ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ خَرَجَ مَيِّتًا كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مَعَ اسْتِيفَاء فَوَائده الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ وَهُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فِي النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[5762] قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ كَأَنَّ هَذَا

الصفحة 218