كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَّةِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَيَسْحَرُ النَّاسَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ لَا يَمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ إِذَا كَانَ فِي تَزْيِينِ الْحَقِّ وَبِهَذَا جَزَمَ بن الْعَرَبِيّ وَغَيره من فضلاء الْمَالِكِيَّة وَقَالَ بن بَطَّالٍ أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلِّهِ وَلَا مَدْحًا لِقَوْلِهِ مِنَ الْبَيَانِ فَأَتَى بِلَفْظَةٍ مِنَ الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ وَكَيْفَ يُذَمُّ الْبَيَانُ وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ حَيْثُ قَالَ خلق الْإِنْسَان علمه الْبَيَان انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ فِي الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ لَا خُصُوصَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَدْحِ الْإِيجَازِ وَالْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ وَعَلَى مَدْحِ الْإِطْنَابِ فِي مَقَامِ الْخَطَابَةِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي نَعَمِ الْإِفْرَاطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَذْمُوم وَخير الْأُمُور أوسطها وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ الدَّوَاءِ بِالْعَجْوَةِ لِلسِّحْرِ)
الْعَجْوَةُ ضَرْبٌ مِنْ أَجْوَدِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ وَأَلْيَنِهِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ هُوَ من وسط التَّمْر وَقَالَ بن الْأَثِيرِ الْعَجْوَةُ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ أَكْبَرُ مِنَ الصَّيْحَانِيِّ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ وَهُوَ مِمَّا غَرَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَ هَذَا الْأَخِيرَ الْقَزَّازُ

[5768] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَلَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ لَكِنْ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِأَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ عبد الله يَعْنِي بن الْمَدِينِيِّ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ وَجَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهُ عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ اللَّبِقِيُّ وَمَا عَرَفْتُ سَلَفَهُ فِيهِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ هُوَ بن مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ قَوْلُهُ هَاشِمٌ هُوَ بن هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَامِرُ بن سعد هُوَ بن عَمِّ أَبِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ فِي الْبَابِ سَمِعْتُ عَامِرًا سَمِعْتُ سَعْدًا وَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ سعد بن أبي وَقاص قَوْله من اصْطَبَحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ مَنْ تَصَبَّحَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ جُمْعَةَ عَنْ مَرْوَانَ الْمَاضِيَةِ فِي الْأَطْعِمَة وَكَذَا لمُسلم عَن بن عُمَرَ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى التَّنَاوُلِ صَبَاحًا وَأَصْلُ الصَّبُوحِ وَالِاصْطِبَاحِ تَنَاوُلُ الشَّرَابِ صُبْحًا ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْأَكْلِ وَمُقَابِلُهُ الْغَبُوقُ وَالِاغْتِبَاقُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْغِذَاءِ أَعَمَّ مِنَ الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ صَبَحْنَا الْخَزْرَجِيَّةَ مُرْهَفَاتٍ وَتَصَبَّحَ مُطَاوِعُ صَبَّحْتِهِ بِكَذَا إِذَا أَتَيْتَهُ بِهِ صَبَاحًا فَكَأَنَّ الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْعَجْوَةَ صَبَاحًا قَدْ أَتَى بِهَا وَهُوَ مِثْلُ تَغَدَّى وَتَعَشَّى إِذَا وَقَعَ

الصفحة 238