كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

الْحَدِيثِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَقَالَ كَيْفَ يَجْتَمِعُ الشِّفَاءُ وَالدَّاءُ فِي جَنَاحَيِ الذُّبَابِ وَكَيْفَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقَدِّمَ جَنَاحَ الشِّفَاءِ وَمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا سُؤَالُ جَاهِلٍ أَوْ مُتَجَاهِلٍ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ قَدْ جَمَعَ الصِّفَاتِ الْمُتَضَادَّةَ وَقَدْ أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَهَا وَقَهَرَهَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَجَعَلَ مِنْهَا قُوَى الْحَيَوَانِ وَإِنَّ الَّذِي أَلْهَمَ النَّحْلَةَ اتِّخَاذَ الْبَيْتِ الْعَجِيبِ الصَّنْعَةِ لِلتَّعْسِيلِ فِيهِ وَأَلْهَمَ النَّمْلَةَ أَن تدخر قوتها أَو أَن حَاجَتِهَا وَأَنْ تَكْسِرَ الْحَبَّةَ نِصْفَيْنِ لِئَلَّا تَسْتَنْبِتَ لَقَادِرٌ عَلَى إِلْهَامِ الذُّبَابَةِ أَنْ تُقَدِّمَ جَنَاحًا وتؤخر آخر وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ مَا نُقِلَ عَنْ هَذَا الْقَائِلِ لَيْسَ بِعَجِيبٍ فَإِنَّ النَّحْلَةَ تُعَسِّلُ مِنْ أَعْلَاهَا وَتُلْقِي السُّمَّ مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْحَيَّةُ الْقَاتِلُ سُمُّهَا تَدْخُلُ لُحُومَهَا فِي التِّرْيَاقِ الَّذِي يُعَالَجُ بِهِ السُّمُّ وَالذُّبَابَةُ تُسْحَقُ مَعَ الْإِثْمِدِ لِجَلَاءِ الْبَصَرِ وَذَكَرَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ فِي الذُّبَابِ قُوَّةً سُمِّيَّةً يَدُلُّ عَلَيْهَا الْوَرَمُ وَالْحَكَّةُ الْعَارِضَةُ عَنْ لَسْعِهِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ لَهُ فَإِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِيمَا يُؤْذِيهِ تَلَقَّاهُ بِسِلَاحِهِ فَأَمَرَ الشَّارِعُ أَنْ يُقَابِلَ تِلْكَ السُّمِّيَّةَ بِمَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَنَاحِ الْآخَرِ مِنَ الشِّفَاءِ فَتَتَقَابَلُ الْمَادَّتَانِ فَيَزُولُ الضَّرَرُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ عَلَى أَنَّهَا تَنْجَسُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تَنْجَسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الطِّبِّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ طَرِيقًا وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ طَرِيقًا وَالْخَالِصُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نُزُولِ الدَّاء والشفاء وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ وَحَدِيثِ أَنَسٍ رَخَّصَ لِأَهْلِ بَيْتٍ فِي الرُّقْيَةِ وَحَدِيثِهِ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَوَاهُ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعُونِ وَحَدِيثِ أَنَسٍ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ سِتَّة عشرا أثرا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(كِتَابُ اللِّبَاسِ)
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ كَذَا للْأَكْثَر وَزَاد بن نعيم والطيبات من الرزق وَلِلنَّسَفِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَة الله الْآيَة

الصفحة 252