كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بِلَفْظِ الْإِزَارِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَمِنْ وَرَاءِ السَّاقَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْكَعْبَيْنِ فِي الْإِزَارِ

[5787] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ شُعْبَةَ سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَوْلُهُ مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ مَا مَوْصُولَةٌ وَبَعْضُ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ وَهُوَ كَانَ وَأَسْفَلُ خَبَرُهُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ مَا هُوَ أَسْفَلُ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً بِأَسْفَلَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنَالُهُ الْإِزَارُ مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ فَكَنَّى بِالثَّوْبِ عَنْ بَدَنِ لَابِسِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي دُونَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْقَدَمِ يُعَذَّبُ عُقُوبَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا جَاوَرَهُ أَوْ حَلَّ فِيهِ وَتَكُونُ مِنْ بَيَانِيَّةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَبَبِيَّةً وَيَكُونُ الْمُرَادُ الشَّخْصَ نَفْسَهُ أَوِ الْمَعْنَى مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الَّذِي يُسَامِتُ الْإِزَارَ فِي النَّارِ أَوِ التَّقْدِيرُ لَابِسُ مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ إِلَخْ أَوِ التَّقْدِيرُ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ مَحْسُوبٌ فِي أَفْعَالِ أَهْلِ النَّارِ أَوْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَيْ مَا أَسْفَلَ مِنَ الْإِزَارِ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ وَكُلُّ هَذَا اسْتِبْعَادٌ مِمَّنْ قَالَهُ لِوُقُوعِ الْإِزَارِ حَقِيقَةً فِي النَّارِ وَأَصْلُهُ مَا أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَنَّ نَافِعًا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَمَا ذَنْبُ الثِّيَابِ بَلْ هُوَ مِنَ الْقَدَمَيْنِ اه لَكِنْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل عَن بن عُمَرَ قَالَ رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسبلت إزَارِي فَقَالَ يَا بن عُمَرَ كُلُّ شَيْءٍ يَمَسُّ الْأَرْضَ مِنَ الثِّيَابِ فِي النَّارِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى أَعْرَابِيًّا يُصَلِّي قَدْ أَسْبَلَ فَقَالَ الْمُسْبِلُ فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَعَلَى هَذَا لَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ مِنْ وَادِي إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم أَوْ يَكُونُ فِي الْوَعِيدِ لِمَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الَّذِي يَتَعَاطَى الْمَعْصِيَةَ أَحَقُّ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي النَّارِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَعْقُوبَ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ بِزِيَادَةِ فَاءٍ وَكَأَنَّهَا دَخَلَتْ لِتَضْمِينِ مَا مَعْنَى الشَّرْطِ أَيْ مَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ قَدَمِ صَاحِبِ الْإِزَارِ الْمُسْبَلِ فَهُوَ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ على فعله وللطبراني من حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ كُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَفَعَهُ إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَرَجٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ قَيْدِ الْخُيَلَاءِ فَهُوَ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْوَعِيدُ بِالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِسْبَالِ فَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إِسْبَالِ الْإِزَارِ مُطْلَقًا مَا أَسْبَلَهُ لِضَرُورَةٍ كَمَنْ يَكُونُ بِكَعْبَيْهِ جُرْحٌ مَثَلًا يُؤْذِيهِ الذُّبَابُ مَثَلًا إِنْ لَمْ يَسْتُرْهُ بِإِزَارِهِ حَيْثُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِإِذْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ الْحَرِيرِ مِنْ أَجْلِ الْحَكَّةِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا جَوَازُ تَعَاطِي مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الضَّرُورَةِ كَمَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ لِلتَّدَاوِي وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مِنَ الْوَعِيدِ فِي ذَلِكَ النِّسَاءُ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

الصفحة 257