كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنَ الشَّرَابِ)
كَذَا قَيَّدَهُ بِالشَّرَابِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَ الشَّرَابِ مَا يُسْكِرُ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى خَمْرًا أَمْ لَا

[5588] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ هُوَ أَبُو الْوَلِيدِ الْهَرَوِيُّ وَاسْمُ أَبِيهِ عبد الله بن أَيُّوب وَيحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو حَيَّانَ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ قَوْلُهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي رِوَايَةِ بن عُلَيَّةَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ قَوْله خطب عمر فِي رِوَايَة بن إِدْرِيسٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ بِسَنَدِهِ سَمِعْتُ عُمَرَ يَخْطُبُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي التَّفْسِيرِ وَزَادَ فِيهِ أَيُّهَا النَّاسُ قَوْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ زَادَ مُسَدَّدٌ فِيهِ عَنِ الْقَطَّانِ فِيهِ أَمَّا بَعْدُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي أَوَّلِ الْأَشْرِبَةِ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُسَدَّدٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي حَالِ كَوْنِهَا تُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافِيَّةً أَوْ مَعْطُوفَةً عَلَى مَا قَبْلَهَا وَالْمُرَادُ أَنَّ الْخَمْرَ تُصْنَعُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِوَقْتِ نُزُولِهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ أَلَا وَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ نَعَمْ وَقَعَ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَإِنَّ الْخَمْرَ تُصْنَعُ مِنْ خَمْسَةٍ قَوْلُهُ مِنَ الْعِنَبِ إِلَخْ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ أَصْحَابُ الْمَسَانِيدِ وَالْأَبْوَابِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ لِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُمْ حُكْمَ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ خَبَرُ صَحَابِيٍّ شَهِدَ التَّنْزِيلَ أَخْبَرَ عَنْ سَبَبِ نُزُولِهَا وَقَدْ خَطَبَ بِهِ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ إِنْكَارُهُ وَأَرَادَ عُمَرُ بِنُزُولِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَهِيَ آيَةُ الْمَائِدَةِ يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر إِلَى آخِرِهَا فَأَرَادَ عُمَرُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَمْرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَّخَذِ مِنَ الْعِنَبِ بَلْ يَتَنَاوَلُ الْمُتَّخَذَ مِنْ غَيْرِهَا وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَاضِي فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ تَحْرِيمَ كُلِّ مُسْكِرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْعِنَبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا وَقَدْ جَاءَ هَذَا الَّذِي قَالَهُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا فَأَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْخَمْرَ مِنَ الْعَصِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَكَذَا بن حِبَّانَ وَزَادَ فِيهِ أَنَّ النُّعْمَانَ خَطَبَ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بِلَفْظِ إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الْعَسَلِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الْبُرِّ خَمْرًا وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ وَالَّتِي قَبْلَهَا فِيهَا الزَّبِيبُ دُونَ الْعَسَلِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ يَوْمَ حُرِّمَتْ وَهِيَ فَذَكَرَهَا وَزَادَ الذُّرَةَ وَأَخْرَجَ الْخُلَعِيُّ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقِ خَلَّادِ بْنِ

الصفحة 46