كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

عَنْ عَاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ حَالَفَ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُهَاجِرِينَ بَدَلَ قُرَيْشٍ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ قَدْ حَالَفَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَعُرِفَ مِنْ رِوَايَةِ الْبَابِ تَسْمِيَةُ السَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِصَامِ مُخْتَصَرًا خَالِيًا عَنِ السُّؤَالِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَحَدِيثُ الْقُنُوتِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ مَضَى فِي الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ فَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَلَفظه وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى نَحْوَهُ بِاخْتِصَارٍ وَأَخْرَجَ أَيْضا أَحْمد وَأَبُو يعلى وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ فَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثَهُ وَحِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ كَانَ قبل المبعث بِمدَّة ذكره بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَكَانَ جَمْعٌ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فَتَعَاقَدُوا عَلَى أَنْ يَنْصُرُوا الْمَظْلُومَ وَيُنْصِفُوا بَيْنَ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الْخَيْرِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَتَضَمَّنَ جَوَابُ أَنَسٍ إِنْكَارَ صَدْرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِيهِ نَفْيَ الْحِلْفِ وَفِيمَا قَالَهُ هُوَ إِثْبَاتُهُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ مَا كَانُوا يَعْتَبِرُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ نَصْرِ الْحَلِيفِ وَلَوْ كَانَ ظَالِمًا وَمِنْ أَخْذِ الثَّأْرِ مِنَ الْقَبِيلَةِ بِسَبَبِ قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنَ التَّوَارُثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْمُثْبَتُ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ نَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالْقِيَامِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْمُصَادَقَةِ وَالْمُوَادَدَةِ وَحفظ الْعَهْد وَقد تقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي نَسْخِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَذَكَرَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوَرِّثُونَ الْحَلِيفَ السُّدُسَ دَائِمًا فنسخ ذَلِك وَقَالَ بن عُيَيْنَةَ حَمَلَ الْعُلَمَاءُ قَوْلَ أَنَسٍ حَالَفَ عَلَى الْمُؤَاخَاةِ قُلْتُ لَكِنْ سِيَاقُ عَاصِمٍ عَنْهُ يَقْتَضِي أَنه أَرَادَ المحالفة حَقِيقَة إِلَّا لما كَانَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا وَتَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ ظَاهِرَةٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا وَتَقَدَّمَ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ بَابُ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا أَوَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الْحِلْفِ وَتَقَدَّمَ مَا يتَعَلَّق بالمؤاخاة الْمَذْكُورَة هُنَاكَ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَنْفِيُّ حِلْفُ التَّوَارُثِ وَمَا يَمْنَعُ مِنْهُ الشَّرْعُ وَأَمَّا التَّحَالُفُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَالْمُؤَاخَاةِ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَمر مرغب فِيهِ

الصفحة 502