كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

مِنْهُ لَهُمْ بِلَا رَيْبٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَيِّزِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ سَتْرًا عَلَيْهِ فَحَصَلَ مِنْهُ الرِّفْقَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا بِتَرْكِ العتاب أصلا وَأما استدلاله بِكَوْن مَا فَعَلُوهُ غَيْرَ حَرَامٍ فَوَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْهُمْ بِفِعْلِ مَا فَعَلَهُ هُوَ وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَمِّ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَزُّهِ عَنِ الْمُبَاحِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ وَالْإِنْكَارِ وَالتَّلَطُّفِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ أَعْرِفْ أَعْيَانَ الْقَوْمِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا الشَّيْءَ الَّذِي تَرَخَّصَ فِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفَ بِهِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي وَنَحْوُ هَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ ثَلَاثَةَ رَهْطٍ سَأَلُوا عَنْ عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السِّرِّ الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَوْلُهُمْ وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَفِيهِ قَوْله لَهُم وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصوم وَأفْطر وأصلي وأرقد وأتزوج النِّسَاء وثالث أَحَادِيث الْبَاب حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيَاءِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَيْضًا فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بن بَطَّالٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِالدَّلِيلِ لِأَنَّهُمْ جَزَمُوا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ مَا يَكْرَهُهُ بِتَغَيُّرِ وَجْهِهِ وَنَظِيرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ أَكْفَرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ)
كَذَا قَيَّدَ مُطْلَقَ الْخَبَرِ بِمَا إِذَا صَدَرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ مِنْ قَائِلِهِ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ

[6103] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَمَّا مُحَمَّدٌ فَهُوَ بن يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ فَهُوَ بن سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ جَزَمَ بِذَلِكَ أَبُو نَصْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ قَوْلُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَمِيعِ بِالْعَنْعَنَةِ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي

الصفحة 514