كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

حَتَّى تَشْرَبَ طَائِفَةٌ مِنَ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْر اسْمهَا والدارمي بِسَنَدٍ لَيِّنٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُكْفَأُ الْإِسْلَامُ كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ كَفْءُ الْخَمْرِ قِيلَ وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا فيستحلونها وَأخرجه بن أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ وَلِابْنِ وَهْبٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ حَجَّ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَجَعَلَتْ تَسْأَلُهُ عَنِ الشَّامِ وَعَنْ بَرْدِهَا فَقَالَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُمْ يَشْرَبُونَ شَرَابًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ الطِّلَاءُ فَقَالَتْ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ وَبَلَغَ حَتَّى سَمِعَتْهُ يَقُولُ إِنَّ نَاسًا مِنَ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ جَاءَتْ فِي الْخَمْرِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ بِأَسْمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَذَكَرَ مِنْهَا السَّكَرَ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ وَهُوَ نَقِيعُ التَّمْرِ إِذَا غُلِيَ بِغَيْرِ طَبْخٍ وَالْجِعَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ نَبِيذُ الشَّعِيرِ وَالسُّكْرُكَةُ خَمْرُ الْحَبَشَةِ مِنَ الذُّرَةِ إِلَى أَنْ قَالَ وَهَذِهِ الْأَشْرِبَةُ الْمُسَمَّاةُ كُلُّهَا عِنْدِي كِنَايَةٌ عَنِ الْخَمْرِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ

[5590] قَوْلُهُ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مِنَ الصَّحِيحِ مِنْ جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ مَعَ تَنَوُّعِهَا عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ وَذَهَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ مُعْظَمُ الرُّوَاةِ يَذْكُرُونَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقًا وَقَدْ أَسْنَدَهُ أَبُو ذَرٍّ عَنْ شُيُوخِهِ فَقَالَ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَدِيثُ صَحِيحًا عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَبِذَلِك يرد على بن حَزْمٍ دَعْوَاهُ الِانْقِطَاعَ اه وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ خَطَأٌ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ تَأَمُّلٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَائِلَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ شَيْخُ أَبِي ذَرٍّ لَا الْبُخَارِيُّ ثُمَّ هُوَ الْحُسَيْنُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَزِيَادَةِ التَّحْتَانِيَّةِ السَّاكِنَةِ وَهُوَ الْهَرَوِيُّ لَقَبُهُ خُرَّمٌ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ وَإِنَّمَا الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الْفَائِدَةِ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ إِلَى هِشَامٍ عَلَى عَادَةِ الْحُفَّاظِ إِذَا وَقَعَ لَهُمُ الْحَدِيثُ عَالِيًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ الْمَرْوِيِّ لَهُمْ يُورِدُونَهَا عَالِيَةً عَقِبَ الرِّوَايَةِ النَّازِلَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ أَسَانِيدِ الْكِتَابِ الْمَرْوِيِّ خَلَلٌ مَا مِنَ انْقِطَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ سَالِمًا أَوْرَدُوهُ فَجَرَى أَبُو ذَرٍّ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ شُيُوخِهِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سِيَاقِهِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ النَّضْرَوِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ بِهِ وَأَمَّا دَعْوَى بن حَزْمٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا فَقَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهَا بن الصَّلَاحِ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ فَقَالَ التَّعْلِيقُ فِي أَحَادِيثَ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قُطِعَ إِسْنَادُهَا وَصُورَتُهُ صُورَةُ الِانْقِطَاعِ وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ وَلَا خَارِجًا مَا وُجِدَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الصَّحِيحِ إِلَى قَبِيلِ الضَّعِيفِ وَلَا الْتِفَاتٌ إِلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ الْحَافِظِ فِي رَدِّ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ وَأَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ الْحَدِيثَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَهُ قَائِلًا قَالَ هِشَامُ بْنُ عمار وَسَاقه بِإِسْنَادِهِ فَزعم بن حَزْمٍ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِيمَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَهِشَامٍ وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَعَازِفِ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْرُوفُ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ الصَّحِيحِ وَالْبُخَارِيُّ قَدْ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا وَقَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يَصْحَبُهَا خَلَلُ الِانْقِطَاعِ اه وَلَفظ بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى وَلَمْ يَتَّصِلْ مَا بَيْنَ البُخَارِيّ وَصدقَة بن خَالِد وَحكى بن الصَّلَاحِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الَّذِي يَقُولُ الْبُخَارِيُّ فِيهِ قَالَ فُلَانٌ وَيُسَمِّي

الصفحة 52