كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

وَمُسَافِعَ وَعَمْرَو بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي شَاعِرَيْنِ تَهَاجَيَا فَكَانَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ وَهُمُ الْغُوَاةُ السُّفَهَاءُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ إِلَى قَوْلِهِ مَا لَا يَفْعَلُونَ قَالَ فَنَسَخَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ قَالَ لَمَّا نزلت وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَهُمْ يَبْكُونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّا شُعَرَاءُ فَقَالَ اقْرَءُوا مَا بعْدهَا إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أَنْتُم وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا أَنْتُمْ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْإِبْهَامِ لِيَدْخُلَ مَعَهُمْ مَنِ اقْتَدَى بِهِمْ وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ مَعَ الثَّلَاثَةِ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ قَالَ بن عَبَّاس فِي كل لَغْو يَخُوضُونَ وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فِي كُلِّ وَادٍ قَالَ فِي كُلِّ لَغْوٍ وَفِي قَوْلِهِ يَهِيمُونَ قَالَ يَخُوضُونَ وَقَالَ غَيْرُهُ يَهِيمُونَ أَيْ يَقُولُونَ فِي الْمَمْدُوحِ وَالْمَذْمُومِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُمْ كَالْهَائِمِ عَلَى وَجْهِهِ وَالْهَائِمُ الْمُخَالِفُ لِلْقَصْدِ قَوْلُهُ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ مَا يَجُوزُ وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ الشِّعْرِ الْجَائِزِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْثُرْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلَا عَنْ هَجْوٍ وَعَنِ الْإِغْرَاقِ فِي الْمَدْحِ وَالْكَذِبِ الْمَحْضِ وَالتَّغَزُّلِ بِمُعَيَّنٍ لَا يحل وَقد نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ مَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ اسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ قُلْتُ وَقَدْ جَمَعَ بن سَيِّدِ النَّاسِ شَيْخُ شُيُوخِنَا مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاءِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ شِعْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ دَالَّةً عَلَى الْجَوَازِ وَبَعْضُهَا مُفَصِّلٌ لِمَا يُكْرَهُ مِمَّا لَا يُكْرَهُ وَتَرْجَمَ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الشِّعْرِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً الشَّاعِرُ يهجو الْقَبِيلَة بأسرها وَسَنَده حسن وَأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ أَعْظَمُ النَّاسِ فِرْيَةً رَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ الشَّعْرُ مِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبِيحٌ خُذِ الْحَسَنَ وَدَعِ الْقَبِيحَ وَلَقَدْ رَوَيْتُ مِنْ شِعْرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَشْعَارًا مِنْهَا الْقَصِيدَةُ فِيهَا أَرْبَعُونَ بَيْتًا وَسَنَدُهُ حَسَنٌ وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى أَوَّلُهُ مِنْ حَدِيثِهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَرْفُوعًا وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا بِلَفْظِ الشِّعْرُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فَحَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلَامِ وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِ الْكَلَامِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَقَالَ لَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدِ اشْتُهِرَ هَذَا الْكَلَامُ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَاقْتصر بن بَطَّالٍ عَلَى نِسْبَتِهِ إِلَيْهِ فَقَصَّرَ وَعَابَ الْقُرْطُبِيُّ الْمُفَسِّرُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الِاقْتِصَارَ عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي ذَلِكَ بن بَطَّالٍ وَهُوَ مَالِكِيٌّ وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الْحُدَاءِ وَالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يكن فحشا الحَدِيث الأول

[6145] قَوْلُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عبد الرَّحْمَن يَعْنِي بن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيَّ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ قُرَشِيُّونَ مَدَنِيُّونَ فِي نَسَقٍ فَالزُّهْرِيُّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ كِبَارِهِمْ وَلِمَرْوَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَزِيَّةُ إِدْرَاكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ مَعْدُودَانِ فِي التَّابِعِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ رُؤْيَةٌ وَأَنَّهُ عُدَّ لِذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَرْوَانَ فِي الصَّحَابَةِ لِإِدْرَاكِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشُّرُوطِ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى

الصفحة 539