كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

[6148] فِيهِ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ التَّرْجَمَةِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالْحُدَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّجَزُ مِنْ جُمْلَةِ الشِّعْرِ وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهتدينا قَالَ بن التِّينِ هَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا رَجَزٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْزُونٍ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ رَجَزٌ مَوْزُونٌ وَإِنَّمَا زِيدَ فِي أَوَّلِهِ سَبَبٌ خَفِيفٌ وَيُسَمَّى الْخَزْمُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا أَمَّا فِدَاءٌ فَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ مَنُونٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُهُ بِالْقَصْرِ وَشَرْطُ اتِّصَالِهِ بِحَرْفِ الْجَرِّ كَالَّذِي هُنَا قَالَهُ بن التِّينِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لَا يُقَالُ لِلَّهِ فِدَاءً لَكَ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ تَوَقُّعِ مَكْرُوهٍ لِشَخْصٍ فَيَخْتَارُ شَخْصٌ آخَرُ أَنْ يَحِلَّ بِهِ دُونَ ذَلِكَ الْآخَرِ وَيَفْدِيهِ فَهُوَ إِمَّا مَجَازٌ عَنِ الرِّضَا كَأَنَّهُ قَالَ نَفْسِي مَبْذُولَةٌ لِرِضَاكَ أَوْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ وَقَعَتْ خِطَابًا لِسَامِعِ الْكَلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ تَوْجِيهٌ آخَرُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَر وَقَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَاهُ اغْفِرْ لَنَا مَا ارْتَكَبْنَاهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَفِدَاءً لَكَ دُعَاءٌ أَيِ افْدِنَا مِنْ عِقَابِكَ عَلَى مَا اقْتَرَفْنَا مِنْ ذُنُوبِنَا كَأَنَّهُ قَالَ اغْفِرْ لَنَا وَافْدِنَا مِنْكَ فِدَاءً لَكَ أَيْ مِنْ عِنْدَكَ فَلَا تُعَاقِبْنَا بِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ اللَّامَ لِلتَّبْيِينِ مِثْلَ هَيْتَ لَكَ وَاسْتَدَلَّ بِجَوَازِ الْحُدَاءِ عَلَى جَوَازِ غِنَاءِ الرُّكْبَانِ الْمُسَمَّى بِالنَّصْبِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّشِيدِ بِصَوْتٍ فِيهِ تَمْطِيطٌ وَأَفْرَطَ قَوْمٌ فَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى جَوَازِ الْغِنَاءِ مُطْلَقًا بِالْأَلْحَانِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهَا الْمُوسِيقَى وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ اخْتُلِفَ فِيهِ فَأَبَاحَهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا وَمَنَعَهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَنْعُ وَكَذَا أَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ وَنَقَلَ بن طَاهِرٍ فِي كِتَابِ السَّمَاعِ الْجَوَازَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا فِي النَّصْبِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَوَّلًا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْغِنَاءُ الْمَمْنُوعُ مَا فِيهِ تَمْطِيطٌ وإفساد لوزن الشّعْر طلبا للضرب وَخُرُوجًا مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا وَرَدَتِ الرُّخْصَةُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ دُونَ أَلْحَانِ الْعَجَمِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْحِجَازِ يُرَخِّصُونَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ إِلَّا فِي حَالَتَيْنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ جِدًّا وَأَنْ يَصْحَبَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَهُ بِأَنَّ فِيهِ تَرْوِيحًا لِلنَّفْسِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِيَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ مُطِيعٌ أَوْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ عَاصٍ وَإِلَّا فَهُوَ مِثْلُ التَّنَزُّهِ فِي الْبُسْتَانِ وَالتَّفَرُّجِ عَلَى الْمَارَّةِ وَأَطْنَبَ الْغَزَالِيُّ فِي الِاسْتِدْلَالِ وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْحُدَاءَ بِالرَّجَزِ وَالشِّعْرِ لَمْ يَزَلْ يُفْعَلُ فِي الْحَضْرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَرُبَّمَا الْتُمِسَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ إِلَّا أَشْعَارٌ تُوزَنُ بِأَصْوَاتٍ طَيِّبَةٍ وَأَلْحَانٍ مَوْزُونَةٍ وَكَذَلِكَ الْغِنَاءُ أَشْعَارٌ مَوْزُونَةٌ تُؤَدَّى بِأَصْوَاتٍ مُسْتَلَذَّةٍ وَأَلْحَانٍ مَوْزُونَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ بِوَجْه آخر فِي غَزْوَة خَيْبَر وَالْحَلِيمِيُّ مَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى الدَّوَاءِ أَوْ شهد بِهِ طَبِيب عدل عَارِف الحَدِيث الْخَامِس

[6147] قَوْله إِسْمَاعِيل هُوَ بن عُلَيَّةَ قَوْلُهُ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ يَأْتِي فِي بَابِ الْمَعَارِيضِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ فَحَدَى الْحَادِي وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْمَعَارِيضِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بِلَفْظِ وَكَانَ مَعَهُمْ سَائِقٌ وَحَادٍ وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أَنْجَشَةُ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ يَحْدُو بِالرِّجَالِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ وَفِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَعَارِيضِ وَفِي رِوَايَةِ وُهَيْبٍ وَأَنْجَشَةُ غُلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُوقُ بِهِنَّ وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَاشْتَدَّ بِهِنَّ فِي السِّيَاقِ أَخْرَجَهَا أَحْمد عَن بن عَدِيٍّ عَنْهُ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ

الصفحة 543