كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

تُقَالُ وَلَا يُرَادُ بِهَا الدُّعَاءُ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّحْرِيضَ عَلَى الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ إِنْ خَالَفَ أَسَاءَ وَقَالَ النَّحَّاسُ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدَيْكَ إِلَّا التُّرَابُ وَقَالَ بن كَيْسَانَ هُوَ مَثَلٌ جَرَى عَلَى أَنَّهُ إِنْ فَاتَكَ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ افْتَقَرْتَ إِلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ افْتَقَرْتَ إِنْ فَاتَكَ فَاخْتَصَرَ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ افْتَقَرْتَ مِنَ الْعِلْمِ وَقِيلَ هِيَ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَدْحِ عِنْدَ الْمُبَالَغَةِ كَمَا قَالُوا لِلشَّاعِرِ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَجَادَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة ثَانِيهمَا حَدِيثهمَا فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ لَمَّا حَاضَتْ فِي الْحَجُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي بَاب إِذا حَاضَت الْمَرْأَة بعد مَا أَفَاضَتْ وَضَبَطَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ بِالْقَصْرِ وَبِالتَّنْوِينِ وَذَكَرَ فِي الْأَمْثَالِ أَنَّهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْمَدِّ وَفِي كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ بِالْقَصْرِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِيُّ هُوَ بِالْمَدِّ وَبِالْقَصْرِ مَعًا قَالُوا وَالْمَعْنَى عَقَرَهَا اللَّهُ وَحَلَقَهَا وَفِيهِ مِنَ الْقَوْلِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَرِبَتْ

(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي زَعَمُوا)
كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قِيلَ لِأَبِي مَسْعُودٍ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي زَعَمُوا قَالَ بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ بِإِخْرَاجِهِ حَدِيث أم هَانِئ وَفِيه قَوْلهَا زعم بن أُمِّي فَإِنَّ أُمَّ هَانِئٍ أَطْلَقَتْ ذَلِكَ فِي حَقِّ عَلِيٍّ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَصْلُ فِي زَعْمِ أَنَّهَا تُقَالُ فِي الْأَمْرِ الَّذِي لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَته وَقَالَ بن بَطَّالٍ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِيثِ بِمَا لَا يَتَحَقَّقُ صِحَّتُهُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ الْكَذِبُ وَقَالَ غَيْرُهُ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ الزَّعْمِ بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْمَاضِي فِي كِتَابِ الْعِلْمِ زَعَمَ رَسُولُكَ وَقَدْ أَكْثَرَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَشْيَاءَ يَرْتَضِيهَا زَعَمَ الْخَلِيل

الصفحة 551