كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

فَتَعَيَّنَ بَعْضُ الْمُقَدَّرَاتِ قَوْلُهُ فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ أَيْ يُهْلِكُهُمْ لَيْلًا وَالْبَيَاتُ هُجُومُ الْعَدُوِّ لَيْلًا قَوْلُهُ وَيَضَع الْعلم أَي يوقعه عَلَيْهِم وَقَالَ بن بَطَّالٍ إِنْ كَانَ الْعَلَمُ جَبَلًا فَيُدَكْدِكُهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاء فيهدمه وَنَحْو ذَلِك وَأغْرب بن الْعَرَبِيِّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَقَالَ وَضْعُ الْعِلْمِ إِمَّا بِذَهَابِ أَهْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَإِمَّا بِإِهَانَةِ أَهْلِهِ بِتَسْلِيطِ الْفَجَرَةِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُرِيدُ مِمَّنْ لَمْ يُهْلِكْ فِي الْبَيَاتِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَيَّتُوا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيّ ويمسخ مِنْهُم آخَرين قَالَ بن الْعَرَبِيِّ يَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ كَمَا وَقَعَ لِلْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ تَبَدُّلِ أَخْلَاقِهِمْ قُلْتُ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِالسِّيَاقِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى مَنْ يَتَحَيَّلُ فِي تَحْلِيلِ مَا يَحْرُمُ بِتَغْيِيرِ اسْمِهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ الْإِسْكَارُ فَمَهْمَا وُجِدَ الْإِسْكَارُ وُجِدَ التَّحْرِيمُ وَلَوْ لَمْ يسْتَمر الِاسْم قَالَ بن الْعَرَبِيِّ هُوَ أَصْلٌ فِي أَنَّ الْأَحْكَامَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ لَا بِأَلْقَابِهَا رَدًّا عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى اللَّفْظِ

(قَوْلُهُ بَابُ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ وَالتَّوْرِ)
هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ التَّوْرَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَوْعِيَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ إِنَاءٌ مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ مِنْ خَشَبٍ وَيُقَالُ لَا يُقَالُ لَهُ تَوْرٌ إِلَّا إِذَا كَانَ صَغِيرًا وَقِيلَ هُوَ قَدَحٌ كَبِيرٌ كَالْقِدْرِ وَقِيلَ مِثْلُ الطَّسْتِ وَقِيلَ كَالْإِجَّانَةِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ وِعَاءٌ

[5591] قَوْلُهُ أَتَى أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُرْسِهِ تَقَدَّمَ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْسِهِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَوْلُهُ قَالَ أَتَدْرُونَ الْقَائِل هُوَ سهل وَمَا سَقَتْ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَالَتْ وَسَقَيْتُ بِسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَ الْقَافِ وَفِي آخِرِهِ مُثَنَّاةٌ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي أَنْقَعَتْ وَنَقَعَتْ وَأَنْقَعَ بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى نَقَعَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَلِيمَةِ بِلَفْظِ بَلَّتْ تَمَرَاتٍ قَوْلُهُ فِي تَوْرٍ زَادَ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ حِجَارَةٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أَشْعَثَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْبَذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سِقَاءً يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ قَالَ أَشْعَثُ وَالتَّوْرُ مِنْ لحاء الشّجر أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالِانْتِبَاذِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّقِيعَ يُسَمَّى نَبِيذًا فَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ بِلَفْظِ النَّبِيذِ عَلَى النَّقِيعِ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ بَابُ نَقِيعِ التَّمْرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ قَالَ الْمُهَلَّبُ النَّقِيعُ حَلَالٌ مَا لَمْ يَشْتَدَّ فَإِذَا اشْتَدَّ وَغَلَى حَرُمَ وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَقْذِفَ بِالزَّبَدِ قَالَ وَإِذَا نُقِعَ مِنَ اللَّيْلِ وَشُرِبَ النَّهَارَ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَشْتَدَّ وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ تُوكِي أَعْلَاهُ فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً وَتَنْبِذُهُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدْوَةً فَإِذَا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ تَعَشَّى فَشَرِبَ عَلَى عَشَائِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَبَّتْهُ ثُمَّ تَنْبِذُ لَهُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ وَتَغَدَّى شَرِبَ عَلَى غَدَائِهِ قَالَتْ نَغْسِلُ السِّقَاءَ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ

الصفحة 56