كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

الْفِعَالِ قُلْتُ وَعَلَى الْحَرَامِ وَالصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ الْقَوْلِيَّةِ والفعلية أورد حَدِيثُ عَائِشَةَ بِلَفْظِ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفسِي وَلَكِن ليقل لقست نَفسِي وَحَدِيث سهل بن حنيف مثله سَوَاء قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَبَعًا لِأَبِي عُبَيْدٍ لَقِسَتْ وَخَبُثَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَإِنَّمَا كَرِهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ اسْمَ الْخُبْثِ فَاخْتَارَ اللَّفْظَةَ السَّالِمَةَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ تَبْدِيلُ الِاسْمِ الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَى لَقِسَتْ غَثَتْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَهُوَ يَرْجِعُ أَيْضا إِلَى معنى خبثت وَقِيلَ مَعْنَاهُ سَاءَ خُلُقُهَا وَقِيلَ مَالَتْ بِهِ إِلَى الدعة وَقَالَ بن بَطَّالٍ هُوَ عَلَى مَعْنَى الْأَدَبِ وَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ فِي الَّذِي يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِهِ فَيُصْبِحُ خَبِيثَ النَّفْسِ وَنَطَقَ الْقُرْآنُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ فَقَالَ تَعَالَى وَمثل كلمة خبيثة قُلْتُ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ إِلَّا فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ مِنْ كَرَاهَةِ وَصْفِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِذَلِكَ وَقَدْ سَبَقَ لِهَذَا عِيَاضٌ فَقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنْ صِفَةِ شَخْصٍ مَذْمُومِ الْحَالِ فَلَمْ يمْتَنع إِطْلَاق ذَلِك اللَّفْظ عَلَيْهِ وَقَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِلنَّدْبِ وَالْأَمْرُ بِقَوْلِهِ لَقِسَتْ لِلنَّدْبِ أَيْضًا فَإِنْ عَبَّرَ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ كَفَى وَلَكِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى قَالَ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ مُجَانَبَةِ الْأَلْفَاظِ الْقَبِيحَةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْعُدُولُ إِلَى مَا لَا قُبْحَ فِيهِ وَالْخُبْثُ وَاللَّقْسُ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ يَتَأَدَّى بِكُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنْ لَفْظُ الْخُبْثِ قَبِيحٌ وَيَجْمَعُ أُمُورًا زَائِدَةً عَلَى الْمُرَادِ بِخِلَافِ اللَّقْسِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِامْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَطْلُبُ الْخَيْرَ حَتَّى بِالْفَأْلِ الْحَسَنِ وَيُضِيفُ الْخَيْرَ إِلَى نَفْسِهِ وَلَوْ بِنِسْبَةٍ مَا وَيَدْفَعُ الشَّرَّ عَنْ نَفْسِهِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَيَقْطَعُ الْوَصْلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّرِّ حَتَّى فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ قَالَ وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا أَنَّ الضَّعِيفَ إِذَا سُئِلَ عَنْ حَالِهِ لَا يَقُولُ لَسْتُ بِطَيِّبٍ بَلْ يَقُولُ ضَعِيفٌ وَلَا يُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنَ الطَّيِّبِينَ فَيُلْحِقُهَا بِالْخَبِيثِينَ تَنْبِيهٌ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ حَدِيثَ سَهْلٍ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ قَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدَانَ عَنِ بن الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى وَقَالَ هُوَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالصَّحِيحُ يُونُسُ قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ إِلَّا عَنْ يُونُسَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ

[6180] قَوْلُهُ تَابَعَهُ عُقَيْلٌ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ وَالْمَتْنِ وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ وَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ وَسَقَطَتْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَثَبَتَتْ لِلنَّسَفِيِّ وَالْبَاقِينَ

(قَوْلُهُ بَابُ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ)
هَذَا اللَّفْظُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي

الصفحة 564