كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

إِعْظَامًا لِاسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يُنْتَهَكَ وَقَدْ كَانَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ يَا مُحَمَّدُ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ فَدَعَاهُ وَقَالَ لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّ بِكَ فَغَيَّرَ اسْمَهُ قُلْتُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن بن أبي ليلى نظر عمر إِلَى بن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ فَأَرْسَلَ إِلَى بن زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسب بك فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ وَهُمْ سَبْعَةٌ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ كَبِيرُهُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَّانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا فَقَالَ قُومُوا فَلَا سَبِيلَ إِلَيْكُمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ وَحَكَى غَيْرُهُ مَذْهَبًا خَامِسًا وَهُوَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ وَالتَّفْصِيلُ بَعْدَهُ بَيْنَ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ فَيَمْتَنِعُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُ الْمَذْهَبَ الثَّالِثَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الرَّافِعِيُّ وَوَهَّاهُ النَّوَوِيُّ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي وَمَنِ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَن أبي الزبير وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وبن حبَان من طَرِيق حُسَيْن بن وَاقد عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ إِذَا سَمَّيْتُمْ بِي فَلَا تُكَنُّوا بِي وَإِذَا كَنَّيْتُمْ بِي فَلَا تُسَمُّوا بِي قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنِ بن جُرَيْجٍ مِثْلَ رِوَايَةِ هِشَامٍ وَرَوَاهُ مَعْقِلٌ عَنْ أبي الزبير مثل رِوَايَة بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ قُلْتُ وَوَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو يَعْلَى وَلَفْظُهُ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَقَالَ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَاخْتُلِفَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَعَلَى أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ أبي هُرَيْرَة على الْوَجْهَيْنِ قلت وَحَدِيث بن أبي عمْرَة أخرجه أَحْمد وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَمِّهِ رَفَعَهُ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنا بن أُسْبُوعَيْنِ فَأُتِيَ بِي إِلَيْهِ فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَقَالَ سَمُّوهُ بِاسْمِي وَلَا تُكَنُّوهُ بِكُنْيَتِي وَرِوَايَةُ أَبِي زُرْعَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى بِلَفْظِ مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي وَاحْتَجَّ لِلْمَذْهَبِ الثَّانِي بِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ قَالَ نَعَمْ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَسَمَّانِي مُحَمَّدًا وَكَنَّانِي أَبَا الْقَاسِمِ وَكَانَ رُخْصَةً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَوَيْنَا هَذِهِ الرُّخْصَةَ فِي أَمَالِي الْجَوْهَرِيِّ وأخرجها بن عَسَاكِرٍ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ طَرِيقِهِ وَسَنَدُهَا قَوِيٌّ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ ثُمَّ تَكْنِيَةُ عَلِيٍّ وَلَدَهُ أَبَا الْقَاسِمِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى التَّحْرِيمِ لَأَنْكَرَهُ الصَّحَابَةُ وَلَمَا مَكَّنُوهُ أَنْ يُكَنِّي وَلَدَهُ أَبَا الْقَاسِمِ أَصْلًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا فَهِمُوا مِنَ النَّهْيِ التَّنْزِيهَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرِ الْأَمْرُ فِيمَا قَالَ فَلَعَلَّهُمْ عَلِمُوا الرُّخْصَةَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَوْ فَهِمُوا تَخْصِيصَ النَّهْيِ بِزَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَقْوَى لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أَبَا الْقَاسِمِ وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَدْ جَزَمَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ ظِئْرِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَكَذَا يُقَالُ لكنية كل من المحمدين بن أبي بكر وبن سعد وبن جَعْفَر بن أبي طَالب وبن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وبن حَاطِب بن أبي بلتعة وبن الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَنَّ آبَاءَهُمْ كَنَّوْهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عِيَاضٌ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ

الصفحة 573