كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

أَخْبَثَ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَبِلَفْظِ أَغْيَظَ وَهُمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظ أكره الْأَسْمَاء وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ قَالَ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَبْغَضُ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ خَالِدٌ وَمَالِكٌ قَالَ وَمَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا لِأَنَّ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ تَسَمَّى بِهِمَا قَالَ وَفِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ خَازِنِ النَّارِ مَالِكًا قَالَ وَالْعِبَادُ وَإِنْ كَانُوا يَمُوتُونَ فَإِنَّ الْأَرْوَاحَ لَا تَفْنَى انْتَهَى كَلَامُهُ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فَمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَحْثِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ الْمَدَنِيِّ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ مِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمُقْبِرِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ مَا سُمِّيَ بِهِ وَأَصْدَقُهَا الْحَارِثُ وَهَمَّامٌ وَأَكْذَبُ الْأَسْمَاءِ خَالِدٌ وَمَالِكٌ وَأَبْغَضُهَا إِلَى اللَّهِ مَا سُمِّيَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَضْبِطِ الدَّاوُدِيُّ لَفْظَ الْمَتْنِ أَوْ هُوَ مَتْنٌ آخَرُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ عَلَى ضَعْفِهِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ تَسْمِيَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ الْمَلَائِكَةِ فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِ الْمَنْعِ بِمَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ لِجَوَازِ التَّسْمِيَة بِخَالِد بِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَا تَفْنَى فَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ أَيْضًا لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قبلك الْخلد وَالْخُلْدُ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ بِغَيْرِ مَوْتٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْأَرْوَاحِ لَا تَفْنَى أَنْ يُقَالَ صَاحب تِلْكَ الرّوح خَالِد

[6206] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ وَهِيَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِهِ قَوْلُهُ رِوَايَةٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ هُنَا وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ يَبْلُغُ بِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سُفْيَانَ مِثْلُهُ وَكِلَاهُمَا كِنَايَةٌ عَنِ الرَّفْعِ بِمَعْنَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة الْحميدِي قَوْلُهُ أَخْنَى كَذَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أبي حمرَة لِلْأَكْثَرِ مِنَ الْخَنَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَقْصُورٌ وَهُوَ الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَخْنَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ أَيْ أَهْلَكَهُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي أَخْنَعَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ مِنَ الْخُنُوعِ وَهُوَ الذُّلُّ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ عَقِبَ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَخْنَعُ أَذَلُّ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَعْنِي إِسْحَاقَ اللُّغَوِيَّ عَنْ أَخْنَعَ فَقَالَ أَوْضَعُ قَالَ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَشَدُّ الْأَسْمَاءِ صَغَارًا وَبِنَحْوِ ذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ والخانع الذَّلِيل وخنع الرجل ذل قَالَ بن بَطَّالٍ وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ أَذَلَّ الْأَسْمَاءِ كَانَ مَنْ تَسَمَّى بِهِ أَشَدَّ ذُلًّا وَقَدْ فَسَّرَ الْخَلِيلُ أَخْنَعَ بِأَفْجَرَ فَقَالَ الْخَنْعُ الْفُجُورُ يُقَالُ أَخْنَعَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا دَعَاهَا لِلْفُجُورِ قُلْتُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْخَنَا وَهُوَ الْفُحْشُ وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَخْنَعُ أَقْبَحُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ أَنْخَعَ بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ بِمَعْنَى أَهْلَكَ لِأَنَّ النَّخْعَ الذَّبْحُ وَالْقَتْلُ الشَّدِيدُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ أَغْيَظَ بِغَيْنٍ وَظَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَلِكُ الْأَمْلَاكِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَوَقع فِي شرح شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَفْحَشُ الْأَسْمَاءِ وَلَمْ أَرَهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِي تَفْسِيرِ أَخْنَى وَقَوْلُهُ أَخْنَعُ اسْمٌ عِنْدَ اللَّهِ وَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرُ مَرَّةٍ أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ أَيْ قَالَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَهَذَا اللَّفْظُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا فِي إِرَادَةِ الْكَثْرَةِ وَسَأَذْكُرُ تَوْجِيهَ الرِّوَايَتَيْنِ قَوْلُهُ عِنْدَ اللَّهِ زَادَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ ثَابِتَةٌ هُنَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ قَوْلُهُ تَسَمَّى أَيْ سَمَّى نَفْسَهُ أَوْ سُمِّيَ بِذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ مَلِكٍ وَالْأَمْلَاكُ جَمْعُ مَلِكٍ بِالْكَسْرِ وَبِالْفَتْحِ وَجَمْعُ مَلِيكٍ قَوْلُهُ قَالَ سُفْيَانُ يَقُولُ غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ أَبِي الزِّنَادِ قَوْلُهُ تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شَاهْ هَكَذَا ثَبت لفظ

الصفحة 589