كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا عُمَيْرٌ بِالتَّصْغِيرِ فَإِنْ كَانَ ضَبَطَهُ فَلَعَلَّ أَبَا عِيَاضٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو وَعُمَيْرٌ وَلَكِنَّهُ آخَرُ غَيْرُ صَاحِبِ عُبَادَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَيِ بن الْعَاصِ كَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ قَوْلُهُ لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْأَسْقِيَةِ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ تَفَطَّنَ الْبُخَارِيُّ لِمَا فِيهَا فَقَالَ بَعْدَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا وَقَالَ عَنِ الْأَوْعِيَةِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ أَكثر أَصْحَاب بن عُيَيْنَةَ عَنْهُ كَأَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَأَبِي بكر بن أبي شيبَة وبن أَبِي عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ عِيَاضٌ ذِكْرُ الْأَسْقِيَةِ وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ الْأَوْعِيَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ قَطُّ عَنِ الْأَسْقِيَةِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الظُّرُوفِ وَأَبَاحَ الِانْتِبَاذَ فِي الْأَسْقِيَةِ فَقِيلَ لَهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً فَاسْتَثْنَى مَا يُسْكِرُ وَكَذَا قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا نَهَاهُمْ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَغَيْرِهَا قَالُوا فَفِيمَ نَشْرَبُ قَالَ فِي أَسْقِيَةِ الْأُدُمِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ فِي الْأَصْلِ كَانَتْ لَمَّا نَهَى عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي الْأَسْقِيَةِ فَسَقَطَ مِنَ الرِّوَايَةِ شَيْءٌ انْتَهَى وَسَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْحُمَيْدِيُّ فَقَالَ فِي الْجَمْعِ لَعَلَّهُ نَقَصَ مِنْ لَفْظِ الْمَتْنِ وَكَانَ فِي الْأَصْلِ لَمَّا نَهَى عَن النَّبِيذ إِلَّا فِي الأسقية وَقَالَ بن التِّينِ مَعْنَاهُ لَمَّا نَهَى عَنِ الظُّرُوفِ إِلَّا الْأَسْقِيَةَ وَهُوَ عَجِيبٌ وَالَّذِي قَالَهُ الْحُمَيْدِيُّ أَقْرَبُ وَإِلَّا فَحَذْفُ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِثْبَاتُ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا إِنِ ادَّعَى مَا قَالَ الْحُمَيْدِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ عَلَى الرَّاوِي وَقَالَ الْكرْمَانِي يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ لَمَّا نَهَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَنْبِذَةِ عَنِ الْجِرَارِ بِسَبَبِ الْأَسْقِيَةِ قَالَ وَمَجِيءُ عَنْ سَبَبِيَّةً شَائِعٌ مِثْلُ يُسَمِّنُونَ عَنِ الْأَكْلِ أَيْ بِسَبَبِ الْأَكْلِ وَمِنْه فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا أَيْ بِسَبَبِهَا قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَيَظْهَرُ لِي أَنْ لَا غَلَطَ وَلَا سَقْطَ وَإِطْلَاقُ السِّقَاءِ عَلَى كُلِّ مَا يُسْقَى مِنْهُ جَائِزٌ فَقَوْلُهُ نَهَى عَنِ الْأَسْقِيَةِ بِمَعْنَى الْأَوْعِيَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْعِيَةِ الْأَوْعِيَةُ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا وَاخْتِصَاصُ اسْمِ الْأَسْقِيَةِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنَ الْأُدُمِ إِنَّمَا هُوَ بِالْعرْفِ وَقَالَ بن السِّكِّيتِ السِّقَاءُ يَكُونُ لِلَّبَنِ وَالْمَاءِ وَالْوَطْبِ بِالْوَاوِ لِلَّبَنِ خَاصَّةً وَالنِّحْيُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ لِلسَّمْنِ وَالْقِرْبَةُ لِلْمَاءِ وَإِلَّا فَمَنْ يُجِيزُ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَةِ لَا يَمْنَعُ مَا صَنَعَ سُفْيَانُ فَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى اسْتِوَاءَ اللَّفْظَيْنِ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً هَكَذَا وَمِرَارًا هَكَذَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدُّهَا الْبُخَارِيُّ وَهْمًا قَوْلُهُ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجَرّ غير المزفت فِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ فَأَرْخَصَ وَهِيَ لُغَةٌ يُقَالُ أَرْخَصَ وَرخّص وَفِي رِوَايَة بن أَبِي شَيْبَةَ فَأَذِنَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ لَمْ تَقَعْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَلْ وَقَعَ النَّهْيُ عَنِ الِانْتِبَاذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَلَمَّا شَكَوْا رَخَّصَ لَهُمْ فِي بَعْضِ الْأَوْعِيَةِ دُونَ بَعْضٍ ثُمَّ وَقَعَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَامَّةً لَكِنْ يَفْتَقِرُ مَنْ قَالَ إِنَّ الرُّخْصَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ حَدِيثَ بُرَيْدَةَ الدَّالَّ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو هَذَا قَوْلُهُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْجُعْفِيُّ وَلَيْسَ هُوَ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ بِهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ سِيَاقَهُ مِثْلُ سِيَاقِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ إِلَّا فِي اللَّفْظَةِ الَّتِي اخْتلفَا فِيهَا وَسِيَاق بن أَبِي شَيْبَةَ لَا يُشْبِهُ سِيَاقَ عَلِيٍّ قَوْلُهُ بِهَذَا أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى عَلِيٍّ وَالْمَتْنِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَن الْأَعْمَش فَقَالَ بِإِسْنَادِهِ مثله الحَدِيث الرَّابِع قَوْلُهُ عَنِ الْأَوْعِيَةِ فِيهِ حَذْفُ تَقْدِيرِهِ نَهَى عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ لَا تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسْقِيَةِ من الْأدم

الصفحة 60