كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

أُخْرَى تَقَدَّمَتْ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَهِيَ الَّتِي قَرُبَ عَهْدُهَا بِالْوِلَادَةِ وَالصَّفِيُّ بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ وَزْنُ فَعِيلٍ هِيَ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ وَهِيَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ مصطفاة مختارة وَفِي قَوْله تَغْدُو وَتَروح إشار إِلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَسْتَأْصِلُ لَبَنَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ الحَدِيث السَّادِس حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ أَيْ بِسَبَبِ شُرْبِ اللَّبَنِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَن بن شِهَابٍ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ تَمَضْمَضُوا مِنَ اللَّبَنِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْأَقْدَاحِ

[5610] قَوْلُهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ إِلَخْ وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ مِنْ طَرِيقِهِ وَوَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي غَرَائِبِ شُعْبَةَ لِابْنِ مَنْدَهْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ شُعْبَةَ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْهُ قَوْلُهُ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالسِّدْرَةُ مَرْفُوعَةٌ وَلِلْمُسْتَمْلِي دُفِعْتُ بِدَالٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ بِنِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ وَإِلَى بِالسُّكُونِ حَرْفُ جَرٍّ قَوْلُهُ وَقَالَ هِشَام يَعْنِي الدستوَائي وَهَمَّام يَعْنِي بن يحيى وَسَعِيد يَعْنِي بن أَبِي عَرُوبَةَ يَعْنِي أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا عَلَى رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ فَزَادُوا هُمْ فِي الْإِسْنَادِ بَعْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ شُعْبَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْأَنْهَارِ نَحْوَهُ يُرِيدُ أَنَّهُمْ تَوَافَقُوا مِنَ الْمَتْنِ عَلَى ذِكْرِ الْأَنْهَارِ وَزَادُوا هُمْ قِصَّةَ الْإِسْرَاءِ بِطُولِهَا وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ هَذِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِمْ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرٍ وَوَرَقُهَا كَأَنَّهَا آذَانُ الْفِيَلَةِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ وَاقْتَصَرَ شُعْبَةُ عَلَى فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا ثَلَاثَةَ أَقْدَاحٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ بِالْإِفْرَادِ وَظَاهِرُ هَذَا النَّفْيِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ذِكْرُ الْأَقْدَاحِ فِي رِوَايَةِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ هَمَّامٍ بِلَفْظِ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لبن وإناء من عسل فَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ نَفْيَ ذِكْرِ الْأَقْدَاحِ بِخُصُوصِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ الَّتِي بِالْإِفْرَادِ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ وَالْفَاعِلُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ فَإِنَّهُ تقدم فِي بَدْء الْخلق طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ بِطُولِهِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْآنِيَةِ أَصْلًا لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ هِشَامٍ وَفِيهِ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالْآخَرُ لَبَنٌ فَعُرِضَا عَلَيَّ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُهُ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَقَدْ سَاقَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ هِشَامٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْآنِيَةِ أَصْلًا فَوَضَحَ مِنْ هَذَا أَنَّ رِوَايَةَ هَمَّامٍ فِيهَا ذِكْرُ ثَلَاثَةٍ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ الْعَدَدِ وَلَا وَصْفِ الظَّرْفِ وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ فِيهَا ذِكْرُ إِنَاءَيْنِ فَقَطْ وَرِوَايَةُ هِشَامٍ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا وَقَدْ رَجَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ رِوَايَةَ إِنَاءَيْنِ فَقَالَ عَقِبَ حَدِيثَ شُعْبَةَ هُنَا هَذَا حَدِيثُ شُعْبَةَ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْبَابِ أَصَحُّ إِسْنَادًا مِنْ هَذَا وَأَوْلَى مِنْ هَذَا كَذَا قَالَ مَعَ أَنَّهُ أَخْرَجَ حَدِيثَ هَمَّامٍ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ هُدْبَةَ عَنْهُ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ سَوَاءً وَالزِّيَادَةُ مِنَ الْحَافِظِ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ تُوبِعَ وَذِكْرُ إِنَاءَيْنِ لَا يَنْفِي الثَّالِثَ مَعَ أَنَّنِي قَدَّمْتُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ عَرْضَ الْآنِيَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْمِعْرَاجِ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً قَالَ بن الْمُنِيرِ لَمْ يَذْكُرِ السِّرَّ فِي عُدُولِهِ عَنِ الْعَسَلِ إِلَى اللَّبَنِ كَمَا ذَكَرَ السِّرَّ فِي عُدُولِهِ عَنِ الْخَمْرِ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ اللَّبَنِ أَنْفَعَ وَبِهِ يَشْتَدُّ الْعَظْمُ وَيَنْبُتُ اللَّحْمُ وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ قُوتٌ وَلَا يَدْخُلُ فِي السَّرَفِ بِوَجْهٍ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الزُّهْدِ وَلَا

الصفحة 73