كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

الصَّالِحُونَ وَلَيْسَ فِي شُرْبِ الْمَاءِ الْمِلْحِ فَضِيلَةٌ قَالَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اسْتِطَابَةَ الْأَطْعِمَةِ جَائِزَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَقد ثَبت أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ نَزَلَ فِي الَّذِينَ أَرَادُوا الِامْتِنَاعَ مِنْ لَذَائِذِ الْمَطَاعِمِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُرِيدُ اللَّهُ تَنَاوُلَهُ مَا امْتَنَّ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ بَلْ نَهْيُهُ عَنْ تَحْرِيمِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْهُمْ تَنَاوَلَهَا لِيُقَابِلُوا نِعْمَتَهُ بِهَا عَلَيْهِمْ بِالشُّكْرِ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ نِعَمُهُ لَا يُكَافِئُهَا شكرهم وَقَالَ بن الْمُنِيرِ أَمَّا أَنَّ اسْتِعْذَابَ الْمَاءِ لَا يُنَافِي الزُّهْدَ وَالْوَرَعَ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ عَلَى لذيذ الْأَطْعِمَة فبعيد وَقَالَ بن التِّينِ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي جَوَازِ شُرْبِ الْمَاءِ مِنَ الْبُسْتَانِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ قُلْتُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِيهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلِمَا اقْتَضَاهُ الْعُرْفُ مِنَ الْمُسَامَحَةِ بِذَلِكَ وَثُبُوتُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوله

[5611] ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ أَوْ رَابِحٌ الْأَوَّلُ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَالثَّانِي بِمُوَحَّدَةٍ وَالْحَاءُ مُهْمَلَةٌ فِيهِمَا فَالْأَوَّلُ مَعْنَاهُ أَنَّ أَجْرَهُ يَرُوحُ إِلَى صَاحِبِهِ أَيْ يَصِلُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ كَثِيرُ الرِّبْحِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ صِفَةُ صَاحِبِهِ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ وَقَوْلُهُ شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ القعْنبِي وَقَوله قَالَ إِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي أويس وَيحيى هُوَ بن يَحْيَى وَرَايِحٌ فِي رِوَايَتِهِمَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ مُصَرِّحًا فِيهَا بِالتَّحْدِيثِ فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كَذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كتاب الْوكَالَة

(قَوْلُهُ بَابُ شُرْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ)
أَيْ مَمْزُوجًا وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِالشُّرْبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْخَلْطِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ غِشٌّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْوَاو بدل الرَّاء والشوب الْخَلْط قَالَ بن الْمُنِيرِ مَقْصُودُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فَائِدَةِ تَقْيِيدِهِ الْخَلِيطَيْنِ بِالْمُسْكِرِ أَيْ إِنَّمَا يُنْهَى عَنِ الْخَلِيطَيْنِ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ

الصفحة 75