كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَدَعَا بِوُضُوءٍ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ ثُمَّ أُتِيَ عَلِيٌّ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ وَمِثْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ قَوْلُهُ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ كَذَا هُنَا وَفِي رِوَايَةِ بَهْزٍ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفًّا فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَنَّ آدَمَ تَوَقَّفَ فِي سِيَاقِهِ فَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسِهِ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ ذَكَرَ الْغَسْلَ وَالتَّثْلِيثَ فِي الْجَمِيعِ وَهِيَ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ أَكْثَرِ أَصْحَابِ شُعْبَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَهْمَ فِيهَا من الرَّاوِي عَنهُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيِّ شَيْخِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِيهَا فَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا هِيَ صِفَةُ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ الْكَامِلِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَوْلُ عَلِيٍّ هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَالَّذِي وَقَعَ هُنَا مِنْ ذِكْرِ الشُّرْبِ مَرَّةً قَبْلَ الْوُضُوءِ وَمَرَّةً بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَمُ أَرَهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ آدَمَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَضْلُهُ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَكَأَنَّ الْمَعْنَى إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَشْرَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَائِمًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قِيَامًا وَهِيَ وَاضِحَةٌ وَلِلطَّيَالِسِيِّ أَنْ يَشْرَبُوا قِيَامًا قَوْلُهُ صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ أَيْ مِنَ الشُّرْبِ قَائِمًا وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ شَرِبَ فَضْلَةَ وُضُوئِهِ قَائِمًا كَمَا شَرِبْتُ وَلِأَحْمَدَ وَرَأَيْتُهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا فَرَأَى النَّاسَ كَأَنَّهُمُ أَنْكَرُوهُ فَقَالَ مَا تَنْظُرُونَ أَنْ أَشْرَبَ قَائِمًا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ قَائِمًا وَإِنْ شَرِبْتُ قَاعِدًا فَقَدْ رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ قَاعِدًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ زِيَادَةٌ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ وَهَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ وَهِيَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الشُّرْبِ لِلْقَائِمِ وَقَدْ عَارَضَ ذَلِكَ أَحَادِيثَ صَرِيحَةً فِي النَّهْيِ عَنْهُ مِنْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا وَمِثْلُهُ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ نَهَى وَمثله التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ الْجَارُودِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَا يشربن أحدكُم قَائِما فَمن نسي فليستقيء وَأخرجه أَحْمد من وَجه آخر وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ بِلَفْظِ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ لَاسْتَقَاءَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَشْرَبُ قَائِمًا فَقَالَ قِهْ قَالَ لِمَهْ قَالَ أَيَسُرُّكُ أَنْ يَشْرَبَ مَعَكَ الْهِرُّ قَالَ لَا قَالَ قَدْ شَرِبَ مَعَكَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْهُ وَأَبُو زِيَادٍ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْنَا لِأَنَسٍ فَالْأَكْلُ قَالَ ذَاكَ أَشَرُّ وَأَخْبَثُ قِيلَ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْأَكْلُ أَشَرَّ لِطُولِ زَمَنِهِ بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الشُّرْبِ فَهَذَا مَا وَرَدَ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْجَوَازِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَعَلَّ النَّهْيَ يَنْصَرِفُ لِمَنِ أَتَى أَصْحَابُهُ بِمَاءٍ فَبَادَرَ لِشُرْبِهِ قَائِمًا قَبْلَهُمُ اسْتِبْدَادًا بِهِ وَخُرُوجًا عَنْ كَوْنِ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرَهُمْ شُرْبًا قَالَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالِاسْتِقَاءِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ

الصفحة 82