كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 10)

(قَوْلُهُ بَابُ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ فِي الشُّرْبِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ الْمَاضِي قَرِيبًا فِي بَابُ شُرْبُ اللَّبَنِ وَتَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ هُنَاكَ وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَكَذَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ أَيْ يُقَدَّمُ مَنْ عَلَى يَمِينِ الشَّارِبِ فِي الشُّرْبِ ثُمَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِ الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ عِنْد الْجُمْهُور وَقَالَ بن حَزْمٍ يَجِبُ وَقَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ فِي الشُّرْبِ يَعُمُّ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَشْرُوبَاتِ وَنُقِلَ عَنْ مَالك وَحده أَنه خصّه بِالْمَاءِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ عِيَاضٌ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ السُّنَّةَ ثَبَتَتْ نَصًّا فِي الْمَاءِ خَاصَّةً وَتَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ فِي غَيْرِ شُرْبِ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْقِيَاسِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ كَأَنَّ اخْتِصَاصَ الْمَاءِ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَشْرُوبَاتِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتُلِفَ هَلْ يَجْرِي الرِّبَا فِيهِ وَهَلْ يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الشُّرْبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْأَكْلِ لَكِنْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ بَابُ هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي الشُّرْبِ لِيُعْطِيَ الْأَكْبَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ لِكَوْنِهَا وَاقِعَةَ عَيْنٍ فَيَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا احْتِمَالُ الِاخْتِصَاصِ فَلَا يَطَّرِدُ الْحُكْمُ فِيهَا لِكُلِّ جليسين وَذكر فِيهِ لِكُلِّ جَلِيسَيْنِ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الشُّرْبِ وَفِيهِ تَسْمِيَةُ الْغُلَامِ وَبَعْضِ الْأَشْيَاخِ وَقَوْلُهُ

[5620] أَتَأْذَنُ لِي لَمْ يَقَعْ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ فَأَجَابَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ أَنَّ الْغُلَامَ كَانَ بن عَمِّهِ فَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ إِدْلَالٌ وَكَانَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ أَقَارِبُ الْغُلَامِ أَيْضًا وَطَيَّبَ نَفْسَهُ مَعَ ذَلِكَ بِالِاسْتِئْذَانِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ عَلَى الْيَسَارِ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَطَّفَ بِهِ حَيْثُ قَالَ لَهُ الشَّرْبَةُ لَكَ وَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا كَذَا فِي السُّنَنِ وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَإِنْ شِئْتَ آثَرْتَ بِهِ عَمَّكَ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَمَّهُ لِكَوْنِهِ أَسَنَّ مِنْهُ وَلَعَلَّ سِنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ سِنِّ الْعَبَّاسِ وَإِنْ كَانَ من جِهَة أُخْرَى من أقرانه لكَونه بن خَالَتِهِ وَكَانَ خَالِدٌ مَعَ رِيَاسَتِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَشَرَفِهِ فِي قَوْمِهِ قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ فَلِذَلِكَ اسْتَأْذَنَ لَهُ بِخِلَافِ

الصفحة 86