كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

وعليه الإجماع قلت أجاب بن عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ غَلَطٌ إِنْ كَانَ سَنَدُهُ صَحِيحًا قَالَ الْحَافِظُ قد طعن فيه بن عَبْدِ الْبَرِّ وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا حَكَاهُ عَنْ هارون بن إسحاق قال سمعت بن مَعِينٍ يَقُولُ مَنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَرَفَ لِعَلِيٍّ سَابِقِيَّتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ قَالَ فَذَكَرْتُ لَهُ مَنْ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَيَسْكُتُونَ فَتَكَلَّمَ فِيهِمْ بكلام غليظ وتعقب بأن بن مَعِينٍ أَنْكَرَ رَأْيَ قَوْمٍ وَهُمُ الْعُثْمَانِيَّةُ الَّذِينَ يُغَالُونَ فِي حُبِّ عُثْمَانَ وَيَنْتَقِصُونَ عَلِيًّا وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَضْلَهُ فهو مزموم وتعقب أيضا بأنه لا يلزم ومن سُكُوتِهِمْ إِذْ ذَاكَ عَنْ تَفْضِيلِهِ عَدَمُ تَفْضِيلِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَبِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا حَدَثَ بعد الزمن الذي قيده بن عُمَرَ فَيَخْرُجُ حَدِيثُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا ثُمَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا الْقَوْلِ نَافِعٌ عَنِ بن عمر بل تابعه بن الْمَاجِشُونِ أَخْرَجَهُ خَيْثَمَةُ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ الماجشون عن أبيه عن بن عُمَرَ كُنَّا نَقُولُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ ثُمَّ نَدَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِمُ التَّفَاضُلَ إِذْ ذَاكَ أَنْ لَا يَكُونُوا اعْتَقَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ تَفْضِيلَ عَلِيٍّ عَلَى مَنْ سِوَاهُ وَقَدِ اعْتَرَفَ بن عُمَرَ بِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نَقُولُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ النَّاسِ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ وَلَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثَ خِصَالِ لَأَنْ يَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ وَوَلَدَتْ لَهُ وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ
وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تأويل كلام بن عُمَرَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً مِنْ تَقْدِيمِ عَلِيٍّ بَعْدَ عُثْمَانَ وَمِنْ تَقْدِيمِ بَقِيَّةِ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَمِنْ تَقْدِيمِ أَهْلِ بَدْرٍ عَلَى مَنْ لم يشهدها وغير ذلك فالظاهر أن بن عُمَرَ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا النَّفْيِ أَنَّهُمْ كَانُوا يجتهدون في التفضيل فليظهر لَهُمْ فَضَائِلُ الثَّلَاثَةِ ظُهُورًا بَيِّنًا فَيَجْزِمُونَ بِهِ وَلَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ اطَّلَعُوا عَلَى التَّنْصِيصِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُلَخَّصًا
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عن بن عمر) رواه البخاري وغيره بألفاظ
[3708] قوله (حدثنا شَاذَانُ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ) شَاذَانُ لَقَبُ الْأَسْوَدِ بن عامر (عن سنان بن هارون) البرجي أَبِي بِشْرٍ الْكُوفِيِّ صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ مِنَ الثَّامِنَةِ (عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ) التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ

الصفحة 139